روابط مصاحف م الكتاب الاسلامي

 روابط مصاحف م الكتاب الاسلامي/ / / / / / / /

الثلاثاء، 22 فبراير 2022

كتاب{3} شرح تشريح القانون لابن سينا [باقي روابط كتاب 3 شرح تشريح القانون لابن سينا]



ويكي ------كتاب{3} شرح تشريح القانون لابن سينا [باقي روابط كتاب 3 شرح تشريح القانون لابن سينا]
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية
الجملة الثانية
العضل
================
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الأول   
الفصل الأول
كلام كُلّي في العصب
والعضل والوتر والرّباط
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه لما كانت الحركة الإرادية... إلى آخر الفصل.
الشرح غرضه الآن بيان فائدة كل واحد من هذه الأعضاء.
قوله: إذ كانت العظام صلبة، والعصب لطيفاً. يريد باللطيف ها هنا الرقيق الدقيق الصغير الحجم، و كان كذلك لا يحسن اتصاله بالصلب لأن الصلب يلزمه أن يكون ثقيلاً، والثقيل لا يقوي اللطيف على إقلاله، ويريد بهذا أن العظام مع كونها صلبة كبيرة المقدار، إذ لو كانت صغيرة جداً لم يكن إيصال العصب بها ضاراً لكن الصغير وإن كان صلباً فهو خفيف لقلة جرمه.
قوله: ولما كان الجرم الملتئم من العصب والرباط على كل حال رقيقاً إنما كان كذلك لأن هذا الرباط لا يجوز أن يكون غالباً على العصب جداً وإلا كان ثقيلاً وكان العصب فهولا محالة يحمله عند تحريكه فيعود المحذور المذكور.
والعصب لا بد وأن يكون دقيقاً لما ذكره بعد هذا. ويلزم ذلك أن لا يكون المجتمع منهما غليظاً جداً. والأولى أنه كان يقول: والقوة المحركة إنما هي في العصب. فلو لم يحدث العضل لكان العصب إذا حمل حركة العضو احتاج إلى حمل ما معه من الرباط وجذبه إلى جهة مبدئه فيكون ذلك زيادة ثقل على العضو المتحرك فلا بد من حدوث العضل حتى يكون جذب العصب إلى موضعها فتكون المسافة قريبة فيكون في ذلك أمن من انقطاعها الذي أو جبه بعد المسافة وزيادة الثقل حينئذٍ محتملة لأنها حينئذٍ يسيرة جداً بالنسبة إلى الوهن الذي كان يوجبه بعد المسافة. وفائدة حشو العضلة باللحم أن يبقى وضع أليافها محفوظاً وإنما جعل من اللحم لأنه لو جعل من عضو صلب لم يمكن تقلص تلك الليف عند إرادة تحريك العضو. ولو جعل من الشحم ونحوه لكان يزيد تلك الألياف برداً فجعل من اللحم لأنه مع لينه يسخن تسخيناً معتدلاً لبرد العصب والرباط، وإنما جعل في وسط العضلة كالمحور من جوهر العصب ليكون جوهر العصب ليس بكثير الانتعاش فيضعف وإنما جللت العضلة بالغشاء ليكون لها حس من خارج ولا بد وأن يكون الرباط الذي يحدث منه، ومن العصب العضلة رباطاً متصلاً بعظم قريب منها حتى تكون مرتبطة بها فلا يزول عن مكانها عند جذب الوتر ذلك العضو المتحرك. والله ولي التوفيق. =========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثاني   
الفصل الثاني
تشريح عضل الجبهة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه من المعلوم أن عضل الوجه.... إلى آخر الفصل.
الشرح قوله من المعلوم أن عضل الوجه على عدد الأعضاء المتحركة في الوجه يريد أن أنواعها على عدد الأعضاء المتحركة، أعني المتحركة بذاتها بعضل يخصها، وأما ما يتحرك بالغرض كحركة عضو تبعاً لحركة آخر أو بالذات ولكن بشركة عضو آخر، فإنه لا يلزم أن يكون له نوع من العضل على حدة، ولا يلزم أيضاً أن يكون عدد أشخاص العضل على عدد الأعضاء المتحركة بذواتها وبانفرادها إذ قد يكون لعضو واحد عضلتان. وثلاثة تحركه حركة واحدة، وذلك بأن تكون حركته تلك بفعل الكل جملة، أو بفعل بعضها بدلاً من البعض، وإنما يلزم ذلك أن تكون الأنواع على عدد تلك الأعضاء وأعني بهذه الأنواع التي تكون نوعيتها بالإضافة إلى الأنواع المختلفة كقولنا عضل حركة الخد، وعضل حركة الصدر ونحو ذلك.
وإن كان الكل من حيث هو عضل نوعاً واحداً، وإنما كانت عضلة الجبهة رقيقة لِأن العضو المتحرك بها، وهو الجلد خفيف فلا تكون محتاجة إلى كثير من جرم الرباط والعصب، وإنما كانت مستعرضة ليمكن أن تعم جميع أجزاء الجلد لأن هذه العضلة نحرك العضو المتحرك بها بغير وتر بل بذاتها، وإنما كان كذلك لأن تحريكها له لو كان بوتر لكان ذلك الوتر إما أن ينبسط طرفه حتى يلاقي جميع أجزاء الجلد أو لا يكون كذلك. فإن كان الثاني لم يلزم من تحريكها إلا تحريك الجزء الذي يتصل به ذلك الوتر إذ الجلد شديد القبول للتمدد فإذا انجذب منه جزء لم يلزم ذلك انجذاب باقيه. وإن كان الأول لم تكن حاجة إلى ذلك الوتر إذ هذا الاتصال يمكن حصوله من ألياف العضلة من غير حاجة إلى وتر يزيد في ثخنها فيزيد في نتوء الجبهة ويكون ذلك منكراً في الخلق وإنما كانت هذه العضلة غشائية لأنها لرقتها وقلة اللحم فيها تكون كالغشاء. وإنما كانت شديدة المخالطة للجلد لأنها تحتاج أن تكون ملاقية لجميع أجزائه حتى يكون تحريكها لجميع الأجزاء جملةً واحدةً. والله ولي التوفيق.
============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثالث  
الفصل الثالث
تشريح عضل المقلة
وأما العضل المحركة للمقلة.... إلى آخر الفصل.
الشرح
إنما يتم الإبصار كما بيناه في موضعه بأن يصير الثقب العيني مواجهاً للمرئي. وعلى سمته حتى يتأدى شبحه إلى هناك. وهذه المواجهة قد تتحقق بحركة المرئي، وذلك قد لا يتأتى في كل وقت. أو يكون عسراً. وقد يتحقق بحركة الرائي، وهو أسهل وأسهل ذلك أن يكون المتحرك هو المقل نفسها مع بقاء البدن على وضعه. فلذلك ينبغي أن يكون للمقلة تمكن من جميع الحركات التي تتحقق معها مواجهة المرئيات. وهذه الحركة إما أن تكون مستقيمة أو مستديرة. فإن كانت مستقيمة فلا بد وأن تكون إلى جهة لكن الجهات ست: اثنان منها لا يحتاج إليهما وهما: الخلف والقدام. لأن المواجهة تتحقق بدونهما لأنها إنما تتوقف على المسامتة. وهي لا تختلف مع القرب والبعد، فتبقى الجهات التي تحتاج المقلة أن تتحرك بالاستقامة إلى واحدة منها أو إلى أكثر من واحدة أربعاً وهي: الفوق، والأسفل، واليمين، واليسار.
فلذلك حركة المقلة بالاستقامة إما إلى جهة واحدة فتكون إلى إحدى هذه الجهات، وكل واحدة منها إنما تكون بعضلة تحركها إلى تلك الجهة فتحتاج لذلك إلى أربع عضلات أو إلى أكثر من جهة واحدة. ولا يمكن أن يكون ذلك إلى أكثر من جهتين وإلا لزم أن تكون الحركة في حال واحدة إلى جهتين متضادتين ولا شك أن ذلك محال فينبغي أن تكون جهتين فقط. فالمحركة إلى فوق، إما أن تكون مع ذلك إلى اليمين أو إلى الشمال وكذلك المحركة الأسفل فيكون من ذلك أربع حركات ولكن هذه الحركات لا يحتاج فيها إلى عضلات غير تلك الأربع. وذلك لأن الحركة إلى اليمين والفوق تحصل بفعل العضلتين المحركتين إلى هاتين الجهتين.
وكذلك الباقي، فلذلك تتم حركات المقلة المستقيمة كلها بأربع عضلات وأما حركاتها على الاستدارة. فإنما يمكن على وجهين فقط، فلذلك تتم بإحدى عضلتين. فلذلك كانت العضلات المحركة للمقلة ستاً.
وقد قيل إنها خمس، وهو ظاهر الفساد.
وأما العضل التي تدعم العصبة المجوفة من وراء المقلة من الجحوظ المفرط عند التحديق القوي، كما عند تكلف رؤية الأشياء الصغيرة جداً من بعد فقط قيل إنها عضلة واحدة بسيطة. وهو المشهور والحق.
وقيل بل واحدة مركبة من عضلتين. وقيل بل ثلاث عضلات، وقيل إنها ليست واحدة بل اثنتان وقيل ثلاث. والله أعلم بغيبه. =============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الرابع 
الفصل الرابع
تشريح عضلات الجفن
والكلام يشتمل فيه على بحثين البحث الأول السبب في أن الجفن المتحرك هو الأعلى في الإنسان ونحوه هو الجفن الأعلى قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الجفن فلما كان... إلى قوله: ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتي الارتفاع.
الشرح كل حيوان فإما أن لا يكون له عين ظاهرة كالخلد. فهذا ظاهر أنه لا يحتاج إلى جفن البتة فضلاً عن حركة الجفن، أو تكون له عين ظاهرة، فإما أن يكون جلده صلباً كما في السمك، فهذا لا يمكن أن يكون له جفن يتحرك، فلا يكون له تغميض، فلا بد وأن تكون عينه صلبة لتكون بعيدة عن قبول الآفات أكثر أو لا يكون جلده صلباً. فإما أن يكون من الطيور أو لا يكون كذلك، فإن كان من الطيور كان الجفن المتحرك منه هو الجفن الأسفل، وهذا إما أن يكون من الجوارح فيكون مع ذلك بعينه غشاء صفاقي يتحرك من تحت الجفن يغطي به الحدقة تارة، ويكشفها أخرى، أو لا يكون من الجوارح فلا يكون له ذلك. فإن كان الحيوان الذي جلده لين ليس من الطيور، فلا بد وأن يكون جفنه المتحرك هو الجفن الأعلى. وذلك لأن المتحرك لو كان هو السافل لكانت العضل المشيل له إلى فوق، إما أن يتصل بطرفيه أو بأحدهما فلا يلزم من رفع ذلك رفع وسط الجفن فلا يتم تغميض العين بل يبقى الموضع الذي الحاجة إلى ستره أشد، وهو موضع الباصر مكشوفاً أو يكون اتصال ذلك العضل بوسط الجفن فيلزم ذلك ستر موضع الباصرة بالوتر النازل دائماً. وذلك مبطل لفائدة العين.
فلذلك كانت حركة الجفن الأسفل في هذا الحيوان مما لا يجوز البتة فوجب أن يكون المتحرك هو الجفن الأعلى.
قوله: لكن عناية الصانع مصروفة إلى تقريب الأفعال من مبادئها، وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها، على أعدل طريق وأقوم منهج إن عني ها هنا بالأقوم ما هو أكثر استقامة فذلك ممنوع فإن التعريج قد يكون أو فق وخصوصاً الأعصاب الدماغية المحركة. فإنها بكونها محركة تحتاج أن تكون صلبة، وكونها دماغية يوجب لها أن تكون لينة فتحتاج إلى تعريج مسلكها لتطول المسافة فتصلب، ولو سلم له ذلك لم يفده لأن المتحرك سواء كان الجفن العالي أو السافل فلا بد من عضل نحو الأسفل يحيط الجفن، وعضل من فوق يرفعه. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضل المحرك للجفن الأعلى وموضعه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتي... إلى آخر الفصل.
الشرح إذا جذب طرف الجفن الأعلى إلى أسفل لزم ذلك تغميض العين. ولا كذلك لو جذب طرف الجفن الأسفل إلى فوق. وذلك لأن الثقل الطبيعي الذي للجفن الأعلى يعاون على تلك الحركة، ويمانع منها ثقل الجفن الأسفل. والله ولي التوفيق. ========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الخامس 
 =======
الفصل الخامس
تشريح عضل الخد
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الخد له حركتان... إلى آخر الفصل.
الشرح إن حركة الخد غير مقصودة لذاتها، إذ لا يتبعها فعل من الأفعال الإنسانية، ولكنها تقع إما ضرورية كما في حركته تبعاً لحركة الفك الأسفل وإما للإعانة على حركة عضو آخر كما في حركته بشركة حركة الشفّة. والحاجة إلى تحريك الشفتين هو التمكن من جودة إخراج الحروف والحركات كالضم والفتح والكسر.
ولما كان ذلك يحوج إلى تفنن هذه الحركات بحسب تفنن أنواع الحروف وما يكون منها من الحركات، وجب أن يكون للشفتين حركات متفننة. وكان ينبغي أن يكون لكل واحد منها عضلة لكن كان يعرض من ذلك انتفاخ الخد جداً، فجعل ذلك لعضلة واحدة. ويختلف ما يوجبه من الحركات باختلاف أجزائها، وأعان على ذلك خفة العضو المتحرك وصغره. والله ولي التوفيق. =======
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السادس 
    |||
الفصل السادس
تشريح عضل الشفة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما الشفة فمن عضلها ... إلى آخر الفصل.
الشرح لما كانت الحركات المذكورة أو لاً للشفة حركات سهلة أمكن أن يكون بعضل مشترك بينها وبين الخد وأن تكون بعضلة واحدة حركات كثيرة. وأما هذه الحركات فلعسرها احتيج أن تكون بعضل خاص، وأن يكون لكل حركة عضلة، وبيان عسرها أن الجسم الواحد إذا اتصل طرفه بجسم آخر كان تحريكه بدون تحريك ذلك الآخر عسراً لا محالة. والله ولي التوفيق. =======
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السابع 
 
الفصل السابع
تشريح عضل المنخر
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما طرفا الأرنبة فقد... إلى آخر الفصل.
الشرح الحاجة إلى تحريك المنخر هو عند إرادة دفع الفضول بالارتعاد والانتفاض، وعند إرادة زيادة في جذب الهواء، ودفعه كما في التنفس، وذلك بالانبساط والانقباض، ولما كان الاحتياج إلى ذلك نادراً لا جرم كانت الحاجة إلى تحريك الشفتين. أكثر ولما لم يكن بد من تصغير عضل أحد هذين النوعين لئلا يزداد نتوء الوجنة كان تصغير عضل الحركة التي يحتاج فيها في أو قات أقل أولى.
وأما وجوب أن تكون هذه العضلات قوية فلأجل صغرها، ولأجل عسر هذه الحركة، لأن العضو المتحرك بها صلب، فلا يكون شديد القبول للتمدد ونحوها مما توجبه الحركات قبولاً سهلاً بسهولة لقبول الشفتين. والله ولي التوفيق. =========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثامن 
 
الفصل الثامن
تشريح عضل الفك الأسفل
والكلام في هذا يشتمل على أربعة مباحث: البحث الأول السبب في اختصاص الفك الأسفل بالحركة قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه قد خص الفك الأسفل... إلى قوله: ثم حركات الفك الأسفل لم يحتج فيها أن تكون.
الشرح كل حيوان فإن الفك المتحرك منه هو الفك الأسفل إلا التمساح فإنه إنما يحرك فكه الأعلى.
أما الأول فقد ذكر الشيخ أسباباً: أحدها: أن الفك الأسفل أخف، وتحريك الأخف أحسن لأن ذلك، أسهل. وإنما كان أخف لأن الأعلى احتيج فيه إلى أن يكون ساتراً واقياً لما وراءه من الدماغ. ولأنه تكون فيه أعضاء كريمة فاحتيج أن يكون عظيماً صلباً. ويلزم ذلك أن يكون ثقيلاً ولا كذلك ها هنا.
وثانيها: أن المتحرك لو كان هو الأعلى وهو مشتمل على أعضاء كريمة لينة لكانت الحركة تضر بتلك الأعضاء لما يلزمها من تمديد بعض جرمها وانقباضه. وخصوصاً الأعصاب. وإنما اختصت هذه الأعضاء بالفك الأعلى لأن أفعالها إنما تتم إذا كانت قريبة جداً من الدماغ كما نبينه في موضعه. والفك الأسفل أبعد من الدماغ.
وثالثها: أن المتحرك لو كان هو الفك الأعلى لاحتيج أن يكون مفصله مع الرأس سلساً، ولو كان كذلك لما أمكن أن يكون على سبيل الشأن أو الفراق كما بيناه أو لاً بل لا بد وأن تكون على هيئة الركز. ولو خلق كذلك لتهيأ للانخلاع بسبب ثقله، وكان انخلاعه شديد الإضرار بالأعضاء التي فيه. وها هنا أمران: آخران يوجبان اختصاص الحركة بالفك الأسفل: أحدهما: أنه لو كان المتحرك هو الأعلى والأسفل يكون ساكناً لكان مفصل الأسفل يحتاج أن يكون موثقاً، وإنما يلزم أن يكون كذلك إذا كان شديد الاتصال بعظام الرأس والعنق وإنما يكون كذلك إذ كان عظيماً جداً، ويلزم ذلك أن يكون ثقيلاً، ويلزم ذلك زيادة ثقل الوجه.
وثانيهما: لو كان المتحرك هو الفك الأعلى لكان الفغر إنما يتأتى مع تحريك طرفه إلى قدام الوجه لأنه لم يمكن متمكناً من الارتفاع كثيراً بمنع عظام الرأس له عن ذلك، ولو كان كذلك لاحتاج أن يكون هذا التحريك كثيراً جداً عند إرادة أن يكون الفغر واسعاً. ويلزم ذلك أن ينتو مواضع أو تار العضل المحركة تلك الحركة لأنها إنما تكون آتية إليه من فوق، وعند حركته إلى قدام يخرج طرفه عن سمت مواضع تلك العضل، ويلزم ذلك نتوء مواضع الأوتار، وذلك يلزمه قبح صورة الوجه جداً. ولا كذلك إذا كان المتحرك هو الفك الأسفل.
وأما الثاني وهو اختصاص التمساح بحركة الفك الأعلى فلأنه حيوان غذاؤه بالصيد ويداه خفيتان لا يتمكن من الثبات عليها حالة الصيد كما في الأسد ونحوه، فيحتاج أن يكون نهشه قوياً جداً ليتدارك بذلك ما فاته بضعف اليدين. وإنما يكون قوياً إذا كان العضو لمتحرك بالإرادة متحركاً بالطبع أيضاً. ولو كان المتحرك هو الفك الأسفل لكان الأمر بضد ذلك لأن الفك الأسفل تكون حركته عند العض والنهش الصادرة عن الإرادة مضادة لحركته بالطبع لأن تلك الحركة إلى فوق، وحركته بالطبع إلى أسفل، فلأجل احتياج التمساح إلى قوة العض جعلت أسنانه العالية موضع السافلة كمنشارين، تدخل زوائد كل واحد منهما في حفر الآخر. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني عضل إطباق الفم قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه ثم حركات الفك الأسفل لم يحتج فيها... إلى قوله وأما عضل الفغر وإنزال الفك.
الشرح إنما يحتاج هذا الفك إلى الحركة في أحوال: أحدها: عند الكلام، وذلك يتم بفغر الفم وإطباقه بقدر يصلح لإخراج الحروف.
وثانيها: عند إيراد النفس من الفم إما لسدة في الأنف أو لأن التنفس به لا يكفي وذلك يتم بحركة الفغر.
وثالثها: عند العض والكلام، وذلك يتم بحركة الفغر والإطباق.
ورابعها: عند المضغ وذلك يحوج فيه إلى هاتين الحركتين مع حركة سحق المأكول وهي إنما تتم بإدارة الفك.
أما الاحتياج حينئذٍ إلى الإطباق فظاهر. وأما الاحتياج إلى الفغر فليمكن إدخال اللقمة، وليتسع بها ما بين الأسنان وليمكن الإطباق. فإنه إنما يكون بعد الغفر. فإذا الحركات التي يحتاج إليها هذا الفك لا تزيد على هذه الثلاثة وإنما احتيج أن يكون العضل المطبق عند الصدغين، لأن أو تار هذا العضل يحتاج أن يتصل بأطراف هذا الفك ليتمكن من رفعه. فلو وضعت في غير موضع الصدغ لافتقرت عند هذه الإشالة إلى رفع جلدة الوجنة عند مواضع الأوتار. وذلك لأجل بعد حافة الفك حينئذٍ. ويلزم ذلك قبح صورته، فاحتيج أن يكون عند الصدغين وتكون الأوتار متصلة بهذا الفك عند الزائدة المتقاربة، وذلك الموضع قريب جداً من مقدم الدماغ، وهو شديد الرطوبة، فيكون العصب الآتي إلى ذلك ليناً جداً، وعصب الحركة تحتاج أن يكون صلباً فاحتيج إلى تعريج مسلك هذا العصب لتطول المسافة طولاً يستفيد به صلابة ما، ولكنه على كل حال لا بد وأن يكون إلى لين فيكون مستعداً للتضرر بما يرد من خارج من صدمة أو ضربة، وتضرره مؤد إلى تضرر الدماغ بالمشاركة لشدة قربه منه. فاحتيج إلى ساتر يستر هذه العضلات ليكون في كون المؤدي فخلقت لذلك عظام الزوج. وابتداء تكون أو تارها عند طرف هذه العظام.
واختص الإنسان بصغر هذا النوع من العضل لأن حاجته إلى القتال بالعض قليلة جداً، ومأكله صناعي فلا يكون شديد الصلابة، ولا عسر القطع، وفكه صغير جداً بالنسبة إلى باقي الحيوان وذلك بالقياس إلى بدنه، ولذلك كانت حاجته إلى قوة هذا النوع من العضل أقل مما في باقي الحيوان، ولأجل أن هاتين العضلتين صغيرتان وعسر رفع الشيء الثقيل، وخصوصاً من طرفه خلق لهذه الحركة عضلتان من داخل الفم ينبسطان على المواضع العريضة الغائرة من هذا الفك، وتمتدان شاخصتين إلى الحنك، ويلتحمان بالعظام المقعرة التي هناك التي تطييف بها الزوائد الشبيهة بالأجنحة، ويوجد لهما هناك وتر قوي. ومنشأ هاتين العضلتين متصلان بعضلتي الصدغين فلذلك قيل أنهما جزء من عضلتي الصدغين، وقوم منعوا وجودهما البتة. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث عضل فغر الفم قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما عضل الفغر وإنزال الفك... إلى قوله وأما عضل المضغ فهما عضلتان.
الشرح
هذه العضلة تكون أو لاً عضلتين دقيقتين مستطيلتين تبتدئان من خلف الأذنين ومن دونهما فإذا بلغتا أعلى مقدم العنق اتحدتا وصارتا عضلة واحدة. ثم يخرج لتلك العضلة وتر فإذا قرب من طرف اللحى عند الذقن انتفش كرة أخرى وصارت منه عضلة والتحمت هناك باللحى وإنما خلقت كذلك لأن جذبها لا بد وأن يكون إما إلى جهة المؤخر ويلزم ذلك أن يتسفل اللحى وإما إلى أسفل وإنما يمكن ذلك أن يكون جذبها إلى أسفل إذا كان ليفها متصلاً بعظام القص لأن مقدم العنق من غضاريف لا تقوى لحركة هذه العضلة، ولو خلقت كذلك لكان ليفها إذا جذب اللحى يلزمه رفع ما فوقه من الجلد مقداراً كبيراً ولا شك أن ذلك موحش للخلقة فلا بد إذاً وأن يكون جذبها إلى خلف. وحينئذ لا بد وأن يكون ليفها متصلاً بما يحاذي طرف هذا الفك من العظام التي خلفه وذلك هو الموضع المذكور. ولا يمكن أن يكون ابتداء ذلك الليف من جانب واحد وإلا كان الفك يميل عند الفغر إلى ذلك الجانب فلا بد وأن يكون من الجانبين فيكون من ذلك عضلتان لأن هذا الليف لا بد وأن يحتشي لحماً وإلا كان يبرد ويضعف ويتغير وضعه وحينئذٍ يصير عضلاً ويجب أن تكون كل واحدة منهما دقيقة لأن المقصود منهما ليس الانتشار والانبساط عرضاً، بل أن يمران إلى الموضع الذي يتحدان فيه فينبغي أن تكون الألياف على خطوط مستقيمة أو قريبة من المستقيمة ويلزم ذلك أن تكونا دقيقتين ويجب أن يتحدا عند الحد المشترك بين العنق الأسفل وإلا كان الوتر الخارج من كل واحدة منها يرفع بعض الجلد إذا تقلص ثم بعد اتحادهما يحتاج أن يخرج الوتر من ذلك المتحد إلى الطرف السافل من هذا الفك. وهو عند الذقن ليكون جذبه إلى أسفل غير مائل إلى جانب وينبغي أن ينتفش عند اتصاله به ليكون اتصاله به في مواضع كثيرة، ويلزم ذلك الانتفاش أن يحتشي المنتفش لحماً فيصير عضلة وكلام جالينوس يشير إلى أن هذه العضلة مع العضلة المتخذة من العضلتين أعني التي في أعلى مقدم العنق كلاهما عضلة واحدة، وطرفاهما لحمي ووسطها وتري ولا مشاحة في العبارة.
قوله: ويتخلص وتراً ليزداد وثاقة ثم ينتفش كرة أخرى.
لا شك أن تكرر الانتفاش تلزمه زيادة في القوة. ولكن الغرض به ها هنا زيادة القوة وإلا كان فعل ذلك في العضلة المطبقة للفم أولى، لأن المصعد للثقيل يحتاج إلى قوة أقوى من المحرك له أسفل وخصوصاً، وتلك العضلة لينة فكانت حاجتها إلى القوة أكثر بل الغرض ما ذكرناه. وهو أن يكون الجذب على حالة لا يلزمها رفع الجلد الذي فوق الوتر عن وضعه. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع عضل المضغ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما عضل المضغ فهما عضلتان... إلى آخر الفصل.
الشرح هذا الذي ذكره الشيخ هو أحد الآراء المنقولة في هذا الفصل.
وقيل إن في كل جانب عضلتين. وقيل إن في كل جانب ثلاث عضلات.
قال جالينوس: إن عضلتي المضغ تلبسان من خارج على الفك الأسفل في طوله، وتمران معه وتتصلان برأسيهما وترتقيان إلى الوجنة وإلى العظم الذي يقال له الزوج. وهما في الحقيقة من كل واحد من الجانبين اثنتان لا واحدة والواحدة تميل الفك إلى قدام، والأخرى إلى خلف. وهاتان العضلتان تتصلان أيضاً بعضلتي الصدغ من دون العظم الذي يقال له الزوج داخل الزائدة التي تشبه المنقار. والله ولي التوفيق. ========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل التاسع 
 
الفصل التاسع
تشريح عضل الرأس
والكلام في هذا الفصل يشتمل على ستة مباحث: البحث الأول تعديد حركات الرأس قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه إن للرأس حركات... إلى قوله: أما العضل المنكسة للرأس خاصة.
الشرح
لما كانت الحاسة المخلوقة لحراسة البدن. وهي العينان موضوعة في الرأس. فينبغي أن يكون للرأس أن تتحرك إلى جميع الجهات حركة تتمكن بها الحاسة من الإشراف على جميع الأعضاء لكن ما سوى الحية من الحيوانات، فإن رؤوسها لا يمكن أن تتحرك إلى خلف حركة تكون بها العينان مشرفة على جميع الأعضاء الخلفية. لأن ذلك لا يمكن أن يكون بأن تتحرك الرأس بالاستدارة حتى تصير العينان من خلف البدن إذ كان يلزمه انقطاع النخاع، وفساد تركيب العنق، ولا يمكن أيضاً تحركة الرأس منقلباً إلى خلف لأن ذلك يلزمه أن تكون العينان نظرهما إلى فوق لا إلى جهة الأعضاء فلذلك أكثر الأعضاء الخلفية لا يمكن أن تكون محروسة بالعينين فيما سوى الحية.
وأما الحية فلو لم تكن هذه الحركة ممكنة فيها لم يكن لعينها إشراف على شيء من أعضائها لأن وضع العين في الحية هو إلى قدام جميع أعضائها. فلذلك احتيج أن يكون وضع عينيها بحيث إذا تحرك رأسها هذه الحركة يكون لأعينها إشراف على مؤخر بدنها ثم إن حركة الرأس قد تكون له بذاته، وقد تكون بمشاركة أعضاء أخرى كخرزات العنق ولا يمكن الاكتفاء بإحدى هاتين إذ لو اقتصرت على حركته بالمشاركة، لكان إذا عرضت لتلك الأعضاء آفة تمنع حركتها بطلت حركة الرأس وفائدتها، ولو اقتصر على حركته بانفراده لم تف بالمقصود. إذ حركته بانفراده لا يمكن أن تكون كبيرة تامة وإلا كان مفصله مع العنق رخواً سلساً جداً. ويلزم ذلك أن يكون التركيب واهياً، فلا بد، وأن يكون له مع هذه الحركة حركة بشركة خرزات العنق حتى تتمكن بتلك الحركة من حركات تامة إلى أكثر الجهات. فتكون للعينين اطلاع على أكثر الأعضاء وإذا كان كذلك فلا بد من عضلات لحركاته الخاصة، وعضلات لحركاته التي بالمشاركة.
فلنتكلم في كل واحد من هذه الأصناف في بحث يخصه. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضل المنكسة للرأس خاصة قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل المنكسة للرأس خاصة... إلى قوله: وأما العضل المنكسة للرأس والرقبة معاً إلى قدام.
الشرح لما كان التنكيس يتم بالتحريك إلى قدام وإلى أسفل جعل العضل المنكس للرأس وحده يتصل ليفه بما يلزم تقلصه التحريك إلى الجهتين جميعاً فخلق هذا العضل متصلاً بما خلف الأذنين، ومن أسفل بالقص والترقوة. وإنما جعل ذلك لأن هذا العضو لكبره يحتاج أن يكون محركه قوياً، وذلك يحوج إلى معاضدة أحد الجزئين بالآخر، وإنما لم يخلق لكل تحريك عضلة واحدة على حدة لأن التنكيس الثقيل لا يحتاج إلى آلة شديدة القوة. ولما كان هذا العضل متصلاً بهذين الموضعين فلا بد وأن يكون من كل جانب ماراً بالعنق إلى قدام على تأريب، ولا بد وأن يكون العضل من الجانبين حتى إذا أريد تنكيس الرأس من أحد جانبيه حركه العضل الذي في ذلك الجانب. وإن أريد تنكيسه بجملته حرك العضل معاً وكفى من كل عضلة واحدة في كل جانب، ولأن التنكيس كلما قلنا أسهل ولما كان طرفا هاتين العضلتين، ومن أسفل، في موضع ضيق لم يتصل ذلك الموضع بأن يكون طرف كل واحد منهما منفصلاً عن طرف الأخرى، فاحتيج أن يتحد الطرفان هناك، وهذا الاتحاد يبتدئ من العنق ويكون أكثره عند القص لأن هذا الموضع يضيق بتدريج، وإنما يوسع هذا المكان بأن يجعل أكثر ليفها الذي من أسفل البدن متصلاً بعظم الترقوة لأن ذلك يلزمه جذب كثير للترقوة في أو قات التخلص، وهو موهن لاتصالها بعظم القص وإحدى هاتين العضلتين لحمية، والأخرى تبتدئ من خلف الأذنين رباطية.
وآخرها عند القص من جوهر الوتر وهذه يصير لها رأسان أحدهما عند القص ولكن جوهره عصبي والآخر عند الترقوة وأكثر جوهره لحمي، ولأجل هذين الرأسين يظن أنها ليست عضلة واحدة وإنها عضلتان: إحداهما فوق الأخرى، ولذلك قيل أن العضل المنكسة للرأس وحده ثلاث عضلات. والحق أنه عضلتان فقط. إذ لم يوجد للتي لها رأسان مبدآن وهاتان العضلتان عظيمتان لكبر العضو المتحرك بهما، وهما في ميلان الذين يكثرون حركة رؤوسهم أو يقوونها أعظم، وذلك كالمصارعين ونحوهم. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث العضل المنكسة للرأس مع الرقبة قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل المنكسة للرأس والرقبة... إلى قوله: وأما العضل المقلبة للرأس وحده إلى خلف.
الشرح
هذا العضل لا يمكن أن يكون متصلاً بعظام القص لأنه يحتاج أن يمتد إلى أسفل، فلو اتصل بعظام القص لكان ليفه ينعطف عند الترقوة إلى جهة عظام الرقبة فلا يكون ذاهباً على الاستقامة، ولذلك جعل متصلاً بعظام الصلب، ويمتد من أسفل إلى الفقرة الخامسة من فقار الصدر، فلذلك هو كبير الطول، ويمتد على جميع فقار الرقبة من قدام وهو تحت المريء أي تحته إذا كان الإنسان مستلقياً وإنما خلق ذلك عظيماً لأن تنكيس الرأس مع الرقبة إنما يتم بقوة قوية لأن مفاصل الفقرات ليست شديدة السلاسة.
وهذا العضل ينتهي من فوق إلى أسافل الرأس ، ويحوي الموضع الذي بين مفصل الرأس، والطرف الأسفل من الدرز اللامي وهو عضلتان كل عضلة من جانب وهما لحميتان لئلا يتأذى المريء بمماسة جرمه إلى الصلابة. وإذا تحركتا بجميع أجزائهما مال الرأس والرقبة معاً إلى قدام وتنكسا وإذا تحرك أعلاهما فقط وهو المتصل بأسافل الرأس إلى الفقرة الأولى والثانية من فقرات العنق مال الرأس وحده إلى قدام وتنكس إلى أسفل، وإنما لم يحتج في هاتين العضلتين إلى انبثاق شيء من ليفهما إلى خلف كما في المنكسة للرأس وحده لأن تلك أجزاؤها السفلية مائلة كثيراً إلى قدام، ولا كذلك هذه. فإن جميع أجزائها كأنها إلى خلف لأن مقدم العنق تسامت أكثر من منتصف الرأس ما بين قدام وخلف وعبارة الكتاب غير فصيحة لأنها توهم أن هذا الزوج ينتهي أسفله إلى الفقرة الأولى من فقار العنق، وأنه إذا تشنج بسطحه الذي يلي المريء، وهو السطح الظاهر نكس الرأس وحده. وإذا تشنج سطحه الباطن، وهو الذي يلي الفقرتين نكس الرقبة وهذا مما لا يصح البتة، فإن المتصل بالفقرة الأولى والثانية إذا لم يتصل بها دون ذلك من العظام لم يمكن البتة أن ينكس الرقبة إذ المنكس لا بد وأن يجتذب إلى أسفل والحق في هذا هو ما قلناه. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع العضل المقلبة للرأس وحده إلى خلف قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضلة المقلبة للرأس وحده إلى خلف... إلى قوله: وأما العضل المقلبة للرأس مع العنق فثلاثة.
الشرح قال المشرحون إن هذه العضلات ثمان من كل جانب منها أربع: فالزوج الأول منها ينشأ من فوق مفصل الرأس مع الرقبة بقليل، وذلك هو آخر عظم مؤخر الرأس، وليس منشؤه من وسط ذلك الموضع أعني ليس في وسط ما بين جانبي مؤخر الرأس بل أحد فرديه مائل. إلى الجانب الأيمن من الرأس والآخر إلى الجانب الأيسر، وينزل كل فرد منها مؤرباً حتى يلتقي عصبهما عند سنسنة الفقرة الثانية من فقار العنق بأن يضيق ما بينهما قليلاً قليلاً إلى هناك.
والزوج الثاني ينشأ من طرف عظم مؤخر الرأس أيضاً، ولكن يكون ما بينهما من وسط ذلك الموضع أي وسط ما بين جنبيه فيكون ابتداء منشأ هذا وابتداء منشأ الزوج الأولى على خط مستقيم فوق مفصل الرأس مع الرقبة بقليل، وهذان الزوجان يماسان ذلك المفصل.
وهذا الزوج ينزل أيضاً مؤرباً، ولكن إلى الجهة الوحشية فلا يزال يتسع ما بين فرديه، حتى يبلغ منتهاه، وذلك عند الزائدتين اللتين عند جنبي الفقرة الأولى، وهما اللتان سماهما جالينوس في تشريح العظام أجنحة لهذه الفقرة، فيكون شكل هذا الزوج مع الأول هكذا: والزوج الثالث ينشأ من هاتين الزائدتين اللتين في جنبي الفقرة الأولى كل فرد منه من زائدة فيكون مؤرباً إلى الأنسي حتى ينتهي عند سنسنة الفقرة الثانية فيكون هذا الزوج واصلاً بين طرفي الزوجين الأولين.
والزوج الرابع صغير تحت الثالث. ينشأ من عظم مؤخر الرأس، وينتهي عند الفقرة الأولى، وهو على ما في الكتاب ينزل مؤرباً وينتهي عند جناحي الفقرة الأولى أعني الزائدتين اللتين على جنبيها، وذلك عند مبدأ منشأ الزوج الثالث، فيكون شكل هذه الأزواج الأربعة هكذا:
قوله: فأربعة أزواج مدسوسة تحت الأزواج التي ذكرناها ينبغي أن يقول: تحت الأزواج التي نذكرها. وذلك لأن الأزواج التي هي مدسوسة تحتها هي الأزواج التي تقلب الرأس والعنق إلى خلف وهي المذكورة بعد هذه الأزواج وسنذكر حكمة اندساس هذه تحت تلك قوله: ومنبت هذه الأزواج هو فوق المفصل يعني مفصل الرأس مع الرقبة وذلك هو الحد المشترك بينه وبين الفقرة الأولى من فقار العنق يعني يكون ذلك فوقه لا أنه كذلك إذا كان الإنسان مستلقياً على بطنه أو ظهره بل إذا كان قاعداً أو منتصباً وينبغي أن يقول: ومنبت أكثر هذه الأزواج هو هناك وذلك لأن الزوج الثالث منها منبته ليس من ها هنا بل من زائدتي الفقرة الأولى اللتين عند جنبيها.
قوله: زوج يأتي جناحي الفقرة الأولى فوق زوج يأتي سنسنة الثانية يريد ها هنا بالفوق ما يكون فوقاً إذا كان الإنسان مستلقياً على بطنه وإنما خلق هذا الزوج فوق تلك ليسد السافل بعض الجهة التي عند مفصل الرأس، وذلك عند قرب وسط ما بين جانبيها، فلا يكون هذا الزوج الآتي فوقه إلى جناحي الفقرة الأولى آتياً إلى هناك مع انعطاف في وسطه إلى أسفل وإنما لم يعكس ذلك فيجعل الآتي إلى سنسنة الفقرة الثانية من فوق وذلك لأن هذا الزوج ينشأ من جانبي أسفل مؤخر عظم الرأس فيكون طريقه إلى سنسنة الفقرة الثانية متدرجة في التسافل فلا يلزمه انعطاف في وسطه إلى أسفل ولا كذلك الزوج الآتي إلى جناحي الفقرة الأولى فإنه في ابتداء طريقه انخسافاً كثيراً فيحتاج إلى شد ذلك الإنخساف لئلا يلزم انعطافه إلى أسفل، وحينئذٍ كان يلزم تشنجة لجذب الرأس أن يرتفع الجلد هناك.
قوله: وخاصيته أن يقيم ميل الرأس عند الانقلاب إلى الحال الطبيعية الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الزوج لا مدخل له في تحريك الرأس البتة. بل ولا في تحريك غيره، وذلك لأن هذا الزوج لا يتصل بالرأس. وقد بينا أن الفقرة الأولى والثانية ليس لو احدة منهما حركة بدون الأخرى وهذا الزوج لا اتصال له بغير هاتين الفقرتين، بل فائدته والله أعلم. أنه يقاوم ما يوجبه الرأس عند انقلابه من حفظ الفقرة الأولى إلى داخل ويلزم ذلك تزعزع مفصلها مع الثانية وإضرار السن الناشبة من الثانية بالنخاع لأن الفقرة الأولى لو مالت إلى داخل مال النخاع معها لا محالة. ولا يلزم ذلك ميل السن لأن يكون ثابتاً بثبات الثانية، ويلزم ذلك انشداخ النخاع به فخلق هذا الزوج من العضل ليقاوم ضغط الرأس حين انقلابه للفقرة الأولى بثقله وتمييله لها إلى داخل بأن يجذبها حينئذٍ إلى خارج معتمداً على ظهر الفقرة الثانية فيبطل تأثير ضغط الرأس إذا ثبت هذا يلزم أن تكون العضلات المحركة للرأس وحده إلى خلف ثلاثة أزواج فقط. قوله: وينفذ تحت الثالث.
لقائل أن يقول: إن هذا الزوج الرابع لا يتعدى موضع ابتداء الزوج الثالث فكيف يكون تحته? وجوابه: أن مراده ها هنا يكون تحت ذلك لأن السطح الذي هذا فيه لو فرضنا موافاته إلى آخر العنق مثلاً كان حينئذٍ تحت السطح الذي فيه ذلك الزوج أعني تحته إذا كان الإنسان على بطنه، وإنما خلق كذلك، لأن ظاهر الفقرة الأولى أسفل حينئذٍ من ظاهر الفقرة الثانية، وذلك لصغر الأولى ورقتها ومنشأ الزوج الثالث هو من قريب مفصلها مع الرأس فلا يبلغ ارتفاعها إلى سطح ظاهر الفقرة الثانية البتة.
قوله: والرابع يقلب إلى خلف مع تأريب ظاهر، الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الزوج لا يخالف الزوج الثاني، وأن كل واحد منهما إنما يلزم حركته توريب إذا كان المحرك هو أحد فرديه، وأما إذا تحرك الفردان معاً فإن انقلاب الرأس يكون مستوياً.
قوله: والثالث والرابع أيهما مال وحده ميل الرأس إلى جهته وإذا تشنجاً جميعاً تحرك الرأس إلى خلف منقلباً من غير ميل الزوج.
والثالث فقد بينا أنه لا مدخل له في التحريك.
وأما الرابع فقد بينا أن ميل الرأس به إلى جانب إنما يكون إذا كان المحرك أحد فرديه.
بقي ها هنا مسألة وهي: أن لم خلقت هذه الأزواج مؤربة مع أن ذلك يلزمه تطويل مسافتها لا لفائدة إذ أعصابها تنشأ من النخاع فتكون مستغنية عن استفادة الصلابة بطول المسافة? والجواب: أنها لو لا تأربها لكان يلزمها انعطاف في أو ساطها ويلزم ذلك أن تكون عند تشنجها رافعة لجلدة الفقار رفعاً مؤلماً فيكون ميلها للرأس إلى خلف مؤلماً.
ولا كذلك إذا جعلت على هذه الهيئة. والله ولي التوفيق.
البحث الخامس العضل المقلبة للرأس والرقبة معاً إلى خلف قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل المقلبة للرأس مع العنق فثلاثة... إلى قوله: وأما العضل المملية للرأس إلى الجانبين فهي زوجان.
الشرح هذه العضلات المقلبة للرأس مع الرقبة إلى خلف موضوعة فوق تلك العضلات المقلبة له وحده أعني أنها فوقها إذا كان الإنسان على بطنه. وإنما كان كذلك لأن هذه العضلات تحتاج أن تكون ممتدة من الرأس إلى فقرات الظهر، فلو لم يكن تحتها تلك العضلات لكانت هذه يلزمها أن تنعطف إلى أسفل في المواضع التي تملؤها تلك العضلات فكانت إذا تشنجت لقلب الرأس يلزمها رفع الجلد الذي فوقها، وذلك مؤلم موحش للصورة فاحتيج أن تكون تلك العضلات تحتها لتسند المواضع الغائرة التي في طريقها وما كان من هذه العضلات أعظم وجب أن يكون وضعه فوق ما هو أصغر منه للعلة المذكورة، فلذلك كان أعظم هذه هو الزوج المجلل.
قوله: فثلاثة أزواج غائرة، معنى أن هذه غائرة، أنها موضوعة في غور، وهو ما يبقى بعد شد العضلات المقلبة للرأس وحده وذلك لأن هذا الغور كبير فلا تفي تلك العضلات بملئه وإنما خلقت هناك مواضع غائرة، لأن كل واحدة من فقرات العنق فإنها يجب أن تكون أصغر مما تحتها ضرورة أن المحمول ينبغي أن يكون أصغر من الحامل فلذلك تكون الفقرة التي عند الرأس أصغر فقار العنق ولا بد وأن يكون عظم الرأس خارجاً عنها إلى خلف كثيراً ليكون له من خلف ثقل يقاوم ثقله من قدام أو يقرب منه، فلا يكون الرأس شديد الميل بطبعه إلا قدام فلذلك يكون عظم الرأس هناك شديد النتوء وما دون ذلك من الفقار له نتوء وتدرج فيبقى عند الفقرة الأولى غور كثير لا محالة، ولا يزال هذا الغور يقل كلما بعد عن الرأس بقدر كير الفقرات.
قوله: كل فرد منه مثلث قاعدته عظم مؤخر الرأس هذه القاعدة هي قاعدة جملة الزوج لا قاعدة كل فرد منه، وذلك لأن هذا الزوج بجملته مثلث حاد الزوايا وفيه ضلعان متساويان وهما اللذان يصل بطرف كل واحد منهما طرف من هذه القاعدة فتكون الزاويتان اللتان تواترانهما متساويتين وهما اللتان على هذه القاعدة والزاوية التي يحيط بها الضلعان أصغر من كل واحدة من هاتين الزاويتين إذ كل واحد من هذين الضلعين يجب أن يكون أطول من القاعدة، وذلك لأن هذا المثلث يجب أن يكون هو والأزواج الثلاثة الأخر، الكل متصلاً بفقرات الظهر حتى يلزم من تشنج هذه العضلات انقلاب الرقبة مع الرأس. ولولا ذلك لكان المنقلب حينئذٍ هو الرأس وحده، وإذا كان كذلك لزم أن يكون ضلعاً كل واحد منهما أطول من القاعدة لأن ما بين الرأس، وفقار الظهر أطول مما بين جانبي مؤخر الرأس هذا إذا كان ما بين الرأس وفقار الظهر كالعمود على هذه القاعدة فكيف ضلع المثلث الذي على هذه الصورة? فلذلك يكون كل واحدة من الزاويتين اللتين على القاعدة أكثر من ثلثي القائمة، والزاوية التي يحيط بها الضلعان أقل من ثلثي قائمة. وهذا المثلث ينقسم إلى مثلثين متساويين هما فردا هذا الزوج ويفصل أحدهما عن الآخر خط مستقيم آخذ من منتصف هذه القاعدة إلى ملتقى الضلعين فيكون لا محالة عموداً على هذه القاعدة. فيكون في كل واحد من هذين المثلثين زاوية قائمة وهي التي يوترها أحد الضلعين اللذين في جهة ذلك المثلث والزاوية الأخرى التي عند طرف القاعدة أكبر من ثلثي قائمة والتي عند الطرف الآخر من الضلع توترها الذي يوتر القائمة أقل من ثلث قائمة، وتكون قاعدة كل واحد من هذين المثلثين هو النصف الأيمن أو الأيسر من قاعدة المثلث المجتمع من المثلثين وهي عظم مؤخر الرأس.
قال جالينوس: وهذه العضلات عراض بعضها فوق بعض فإذا شيلت المجللة عنها يظهر للرؤية في بعض المرار ثلاثة أزواج وفي أكثرها زوجان فقط، أحد الزوجين عضلة عريضة إلى تأريب يسير يبتدئ من خلف الرأس ويبلغ جنبي عظم الصلب وظاهر أنه يريد بذلك ما دون فقار العنق.
قال: والزوج الآخر مدور العضل وليفه مضاد في الوضع لليف العضل الأول لأنه يبتدئ من جنبي الرأس وهو موضع منتهاه، ويبلغ إلى الشوكة ويعني بالشوكة السنسنة. هذا إذا كان الظاهر زوجين فقط أما إذا كانت ثلاثة فإنا نجد الواحد منها يمتد بجنب عظم الصلب والآخر تحت الزوائد التي عن جنبي الفقار ويريد بهذه الزوائد الأجنحة.
والثالث: يوجد في الوسط بينهما، وربما رأينا مراراً كثير الليف بجميع مبادئها تنشأ من خلف، على تأريب، ويصير إلى قدام حتى يبلغ الفقار إلى المواضع منها التي قيل: قد عرفت أن الأجنحة موضوعة في جنبي الفقار فكيف جعل جنبي الفقار ها هنا مغايراً لموضع الأجنحة? قلنا: الأجنحة وإن كانت إلى جنبي الفقار ولكنها ليست على الوسط فيما بين خلف وقدام والمراد ها هنا بالجنبين ما هو كذلك، وها هنا مسألتان: إحداهما: ما السبب في وضع العضلات المقلبة للرأس إلى خارج? وهلا وضعت كلها إلى داخل الفقار مبتدئه من خلف الرأس فإن ذلك الموضع أحرز لها? وثانيتهما: ما السبب في تكثير أعداد هذه العضلات مع صغر جرم أكثرها? وهلا جعلت مثل المنكسة للرأس إلى قدام قليلة العدد? والجواب: أما الأول فلأن تحريك الثقيل من جهة حركته أسهل كثيراً من تحريكه من الجهة المقابلة فإن الانعطاف مما يضعف قوة الجذب.
وأما الثانية: فلأن حركة الرأس إلى خلف لما كانت عسرة لأجل ميل اكثر ثقله إلى قدام كان إذا حرك إلى خلف بمعرض التزعزع لكلال قوة الجذب فاحتيج أن تكون تلك الآلات كثيرة العدد لتكون متشبثة به من جوانب كثيرة كالأطناب فيكون ثباته عند هذه الحركة في الموضع الذي يحرك إليه محكماً. وأما حركته إلى قدام فإنها على وفق ثقله وميله الطبيعي المثقل فلا تفتقر فيها إلى ذلك . والله ولي التوفيق.
البحث السادس العضل المميلة إلى الجانبين قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل المميلة للرأس إلى الجانبين... إلى آخر الفصل.
الشرح قد جعلت العضلات المحركة للرأس إلى الجانبين أصغر مقداراً أو أقل عدداً وذلك لأن مفصل حركة الرأس يميناً وشمالاً سلس وسبب ذلك أنه يحدث من زائدتين من عظام الرأس تدخل في نقرتين من الفقرة الأولى، ولا كذلك مفصل حركته قداماً وخلفاً، فإنه يحدث بدخول طرف السن في نقرة الأولى ولا كذلك مفصل فلو لم يكن أكثر إيثاقاً لعرض له الخلع كثيراً وإذا كان المفصل سلساً كانت حركته سهلة فيقوم بها العضل القليل العدد والمقدار مقام الكثير العدد والمقدار ولا كذلك ما كان من المفاصل إلى الوثاقة وجعل عدد هذه العضلات أربعاً لأنها لو كانت اثنتين فقط، لكان يجب أن يكون موضعها ما بين مقدم العنق ومؤخره على السواء، ولو كان كذلك لكان الرأس إذا حرك إلى أحد الجانبين يبقى حينئذٍ قلقاً ربما مال إلى قدام وخلف وأكثر ميله حينئذٍ هو إلى قدام لزيادة ثقل مقدم الرأس فاحتيج أن يخلق من كل جانب عضلتان.
إحداهما: في طرف ذلك الجانب من قدام والأخرى في طرفه من خلف حتى إذا تحرك الرأس بهما إلى ذلك الجانب بقيت كل واحدة منهما مانعة من حركته حينئذٍ إلى ضد جهتها فتكون التي إلى خلف مانعة من حركته نحو قدام والتي إلى قدام مانعة من حركته إلى خلف. وجعلت التي في الطرف الذي إلى خلف أصغر لأنها تصل بين الرأس والفقرة الأولى فقط والتي في الطرف الذي يلي إلى قدام أعظم لأنها تصل بين الرأس والفقرة الأولى والثانية. وذلك لأن المحرك ينبغي أن يكون على نسبة قدر المتحرك، ومؤخر الرأس أصغر كثيراً من مقدمه، والمتحرك من جهة ينبغي أن يكون أصغر من المتحرك من جهة المقدم. والله أعلم بغيبه. =======
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل العاشر 
 
الفصل العاشر
تشريح عضل الحنجرة
والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول تشريح الحنجرة قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الحنجرة عضو غضروفي... إلى قوله: وعند الحنجرة وقدامها عظم مثلث.
الشرح
لما كان الصوت من الإنسان ونحوه إنما يتم بخروج النفس بهيئة مخصوصة وجب أن تكون آلته وهي الحنجرة متصلة بأعلى مجرى النفس ليتم هناك تكون الصوت كما نبينه في كلامنا في الصوت. ويحتاج أن تكون هذه الآلة ليست شديدة اللين فلا يكون لقرعها في بالهواء الخارج صوت يعتد به، ولا شديدة الصلابة، فيكون ما يحدث فيها من الصوت غير مستطاب، وأيضاً لو خلقت من أجسام صلبة جداً كالعظام فإما أن تكون دقيقة فتتهيأ للانكسار بسهولة، أو لا تكون كذلك فتوجب زيادة في الثقل وغلظ في جرم العنق لا لضرورة فلذلك وجب أن تكون مخلوقة من غضاريف لتكون.. متوسطة الصلابة فيكون ما يحدث فيها من الصوت لذيذاً وتكون بما فيها من اللين آمنة من الانكسار عند المصادمات التي ليست شديدة القوة، وبما فيها من الصلابة معينة على قوة الصوت فلذلك: الحنجرة عضو غضروفي خلق آلة للصوت.
وينبغي أن يزاد هذا الحد فيقال: موضوع فوق القصبة الرئة ليخرج بذلك قصبة الرئة وأجزاؤها فإن كل واحد من ذلك يصدق عليه أنه غضروفي خلق آلة للصوت لأن قصبة الرئة وأجزاؤها، وإن كان المقصود الأول بخلقها إنما هو أن تكون آلة للتنفس فإنها أيضاً مع ذلك آلة للصوت.
لأن الصوت وإن كان يتم بالحنجرة، ولكن بشرط أن يكون الهواء الذي يجتذب به نافذاً إليها من القصبة حتى يكون آخذاً من مضيق ينحصر فيه إلى فضاء يحدث فيه بقرع الهواء لجدرانه كالطنين، والحال في البوق ونحوه من الآلات الصناعية للصوت الصناعي. ولم تجعل هذه الآلة من غضروف واحد ليمكن أن ينفرج عند إرادة تعظيم الصوت، وأن يضيق عند إرادة تحديده، وأيضاً لئلا تعم الآفة التي قد تحدث في بعض أجزائه وأقل ما يمكن أن يكون من غضروفين ليمكن أن ينفرج أحدهما عن الآخر فيتسع وأن ينضم أحدهما إلى الآخر فيضيق فلا بد وأن يكون بينهما مفصل ليمكن تحرك أحدهما إلى الآخر عند الانضمام وتباعده عنه عند الانفراج فلا يمكن أن يكون وضعهما بأن يكون أحدهما يميناً والآخر شمالاً، وإلا كان المفصل إلى قدام وخلف فيكون ما يظهر منهما إلى قدام ضعيفاً بسبب المفصل فيكون مهيئاً للتضرر عند الملاقاة فلا بد وأن يكون هذا المفصل ما بين اليمين والشمال حتى يكون أحد الغضروفين من قدام والآخر من خلف فيكون كل واحد منهما في جهته وينبغي أن يكون القدامي مقبباً ليكون شكله كرياً فيكون أبعد عن قبول الآفات ومشتملاً على فضاء أو سع.
وأن يكون الخلفي منهما مستوى السطح لأنه لا يمكن أن يكون محدباً إلى داخل فضاء الحنجرة وإلا كان يضيقها ولا إلى خارج وإلا كان يزاحم أعلى المريء ويمنع نفوذ الطعام فيه ثم لما وجب أن وجب أن يكون منفذ الطعام والشراب من وراء هذا المنفذ فلا بد وأن يمر أعلى هذا المنفذ إلى منفذهما فلو كان هذا منفجرجاً حينئذٍ لسقط فيه أكثر الطعام وسال فيه كل الماء، أو أكثره. فلابد أن يكون هذا المنفذ بحيث ينسد عند نفوذ المأكول والمشروب. وأن ينفتح في غير ذلك الوقت ليمكن خروج الهواء ودخوله. ولا يمكن أن يكون ذلك بأن ينضم أحدهما إلى الآخر تارة لأن الغضاريف لصلابتها لا تطاوع لمثل هذا الانضمام فلا بد إذاً من جسم آخر ليكون في أعلاهما بحيث ينطبق على فم الحنجرة إذا أريد نفوذ الطعام أو الشراب ونحوهما وأن ترتفع عنه فيمكن نفوذ الهواء ولا بد وأن يكون هذا الجسم صلباً وإلا أمكن أن ينثني بثقل الطعام وينعطف إلى أسفل فيحصل هناك خلل ينفذ فيه الماء عليه ولا يمكن أن يكون بغاية الصلابة كالعظم وإلا لم يكن سده تاماً لأن شدة الصلابة تمنع من انثناء الأطراف انثناء يكون معه السد محكماً فلا بد وأن يكون غضروفياً ولا بد وأن يكون له مع أحد الغضروفين مفصل حتى يمكن أن يتحرك تارة إلى الإطباق وأخرى إلى الفتح ولا بد وأن يكون هذا المفصل سلساً جداً وإلا كان تحركه لذلك ببطء فيسبقه نفوذ الطعام والشراب إلى هذا المجرى ولا بد وأن يكون مفصله مع الغضروف الخلفي إذا لو كان مع القدامى لكان عند فتح الحنجرة يبقى أمام هذا المجرى فيضيق منفذ الهواء إلى خارج أو يسده ولا كذلك إذا كان مع الخلفي لأنه يكون حينئذٍ عند الفتح وراء هذا المجرى وحينئذٍ لا يعرض من ذلك أيضاً ضرر في مجرى الطعام والشراب، لأن ذلك المجرى إنما ينفذ إليه الطعام إذ كان هذا المجرى مطبوقاً ولا بد وأن يكون مفصله مع ذلك الغضروف مضاعفاً، إذ لو كان بزائدة واحدة تدخل في نقرة واحدة لكان قابلاً لحركة الاستدارة فلم يؤمن من ارتفاع أحد جانبيه عند الانطباق بحبس النفس وذلك بقوة دفع الهواء المحتبس له، وإذا ارتفع ذلك خرج منه الهواء فلا يكون الإطباق محكماً ولا بد وأن تكون الزوائد في هذا المفصل ناشبة من الغضروف الذي لا اسم له، والنقر من المكبي ليكون عند الإطباق تامة الدخول في النقر فيكون الإطباق قوياً، ولو كانت الزوائد من المكبي ليكون عند الإطباق تامة الدخول في النقر فيكون الإطباق قوياً، وإذا كانت الزوائد من المكبي لكانت عند الإطباق قليلة الدخول في نقرها فيضعف اتصال أحد الغضروفين بالآخر، ويكون الإطباق واهياً ولا بد من ارتباط هذه الغضاريف بعضها ببعض ارتباطاً محكماً، لتكون قوية على مقاومة عضلات الصدر كلها عند الإطباق بحصر النفس. وكذلك الإطباق لا بد وأن يكون شديد القوة. والله أعلم بغيبه.
البحث الثاني تشريح العظم اللامي قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وعند الحنجرة وقدامها عظم مثلث... إلى قوله: والحنجرة محتاجة إلى عظم يضم الدرقي إلى الذي.
الشرح قد عرفت أن الحنجرة لا بد لها من إطباق وفتح وتوسيع وتضييق وستعرف أن اللسان لا بد وأن تكون له حركة لأجل الكلام ومضغ الطعام. وهذه الحركات لا بد وأن تكون من الحركات الإرادية التي إنما تتم بالعضل، والعضل لا بد وأن يكون في تحريكها مستندة إلى عظم أو ما يقوم مقامه وعظام العنق واللحيين بعيدة وغير موافقة في وضعها لأن تستند إليها جميع العضلات التي تحتاج إليها في هذه الحركات كما نبينه عليه عند تفصيلنا الكلام في تلك الحركات فلا بد من عظم يكون بالقرب من هذه الأعضاء تستند إليه تلك العضلات ولا بد وأن تكون لهذه الحركات عضلات تجذب إلى فوق وإلى أسفل وإلى قدام وإلى خلف فلا بد وأن يكون لها مستند في هذه الجهات كلها، فلا بد وأن تكون لهذا العظم أجزاء في جميع هذه الجهات وأقل ما تتم به ذلك إذا كان له خمس أضلع: أحدها: منتصب على الاستقامة في طول العنق وراء المرئ هو كالأصل لجميع أضلاعه.
وضلعان من فوق يأخذان منه يمنة ويسرة، وضلعان من أسفل كذلك ها هنا هكذا: وسنحقق من كلامنا في تلك العضلات وجوب أن يكون على هذه الهيئة والضلع المنتصب منه قليل العرض، والضلعان العاليان دقيقان كالمسال، والسافلان أعرض منهما قليلاً، وذلك على قدر العضل الذي يحتاج أن يتشبث بكب واحد من هذه الأجزاء.
وقوم يسمون هذا العظم: العظم اللامي وهم الأكثر، لأنه يوجد فيه ما يشبه اللام في كتابة اليونان. وقوم يسمونه العظم الواوي لأنه لا يوجد فيه ما يشبه الواو في كتابتهم، وخاصة أنه غير متصل بعظم آخر، فلذلك يحتاج إلى أشياء يرتبط بها بعظام أخرى ليبقى وضعه محفوظاً عند تحريك عضلات الحنجرة وقصبة الرئة واللسان، وغير ذلك. فلذلك ربط من فوق بأربطة دقية مدورة تتصل بضلعيه العاليين وبالزوائد الإبرية التي عند الأذنين، ومن الأسفل بأربطة أغلظ وأقوى وأطول، تتصل بضلعيه السافلين وينتهي إلى الغضروف الحنجري، وتحت القص، وإنما كانت هذه أغلظ وأقوى لأن إمكان خروج هذا العظم عن وضعه إلى فوق أكثر لأن خروجه عن ذلك إلى أسفل يمنع منه جميع أضلاعه العالية والسافلة منعاً قوياً. ولا كذلك خروجه عنه إلى فوق، فإن الأضلاع العالية قليلة المنع من ذلك، ولهذا جعلت أضلاعه السافلة أغلظ ليكون أقوى، وخلق له ثلاثة أزواج من العضل: أحدها: عريض متصل بجانبي العظم المنتصب، وينتهي إلى جانبي الفك الأسفل.
وثانيها: يتصل بالطرف العالي من العظم المنتصب وينتهي إلى رأس الفلك الأسفل الزوج الثاني قد تركه معظم النساخ وهو زوج ينشأ من تحت الذقن ثم تحت اللسان إلى أن ينتهي إلى الطرف الأعلى من العظم اللامي، وهذا الزوج أيضاً يحدث هذا العظم إلى جانب أسفل اللحى.
وثالثها: يتصل بالطرف الأسفل من العظم المنتصب وينتهي إلى الزوائد الإبرية عند الأذنين، وأظن أن فائدة هذه العضلات أن يكون لها تحريك هذا العظم إلى جهات العظام المتصلة بها فتقوم بذلك مقام العضلات أن يكون لها تحريك هذا العظم إلى جهات العظام المتصلة بها فتقوم بذلك مقام العضلات المتصلة به لتحريك أعضاء أخرى كقصبة الرئة والحنجرة. فلا يلزم بطلان التنفس والصوت إذا عرض لعضلات تلك الأعضاء آفة. وذلك لأن هذا العظم إذا حرك إلى جهة لزم ذلك انجذاب العضلة المتصلة به إلى تلك الجهة فيحصل المقصود منها، وإن لم يكن يتحرك بنفسها وإنما لم تفعل كذلك في أضلاعها العلوية والسفلية لأن العضل المتصل بذلك جعل في نفسه مضاعفاً وذلك لأن توسيع الحنجرة يجذب الغضروف الدرقي تكفي فيه عضلة واحدة تتصل بوسطه فخلقت اثنين لتقوم الواحدة مقام الأخرى إذا عرض لها آفة، فاستغني بذلك عن عضلة تقوم مقامها بتحريك هذا العظم مع أن تحريكه من هناك موهن لثباته على وضعه. والله أعلم بغيبه.
البحث الثالث تشريح عضل الحنجرة نفسه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والحنجرة محتاجة إلى عضل يضم... إلى آخر الفصل.
الشرح إن الحنجرة تحتاج إلى عضل يضم الدرقي إلى الذي لا اسم له فتضيق الحنجرة وإلى عضل يمد الدرقي جاذبة له عن الذي لا اسم له فتتوسع الحنجرة. وهذا لم يذكره الشيخ ها هنا، ولكنه ذكره عند تعديد العضل، وإلى عضل تضم الطرجهال وتطبقه فتنطبق الحنجرة، وإلى عضل يوسع الطرجهال عن الدرقي فتنتفخ الحنجرة، وإنما احتاجت إلى هذه الأنواع من العضل لاحتياجها إلى كل واحدة من هذه الحركات كما بيناه أو لاً.
قوله: وعضل يبعد الطرجهال عن الآخرين.
العبارة غير جيدة لأن الطرجهال إذا ارتفع عند فتح الحنجرة لا يلزم ذلك بعده عن الذي لا اسم له.
فلنتكلم الآن في كل واحد من هذه الأنواع: والنوع الأول الموسع للحنجرة: وهو زوجان: أحدهما يجذب إلى فوق وقدام ويتصل من أسفل بالدرقي، ومن فوق الضلعين العاليين من العظم اللامي كل فرد منه بضلع، ويأخذ من جانبي الدرقي، ويصعد مستقيماً فإذا تشنج جذب الغضروف الدرقي إلى قدام وفوق، فاتسعت الحنجرة.
وثانيتهما: تجذب إلى قدام وتحت، ويتصل من فوق الدرقي. ومن أسفل بعظام القص حتى يبلغ الغضروف الحنجري، ويمر إلى هناك من داخل القص. فإذا تشنج جذب الدرقي إلى قدام وتحت، فاتسعت الحنجرة.
وقد كان يمكن حصول كل واحدة من هاتين الحركتين بعضلة واحدة تتصل بوسط الدرقي. وإنما خلق لكل واحدة منها زوج ليكون إذا عرض لإحداهما ما يبطل حركتها قامت الأخرى مقامها.
والنوع الثاني المضيق للحنجرة، وهو زوجان أيضاً: أحدهما: يأتي من العظم المنتصب من عظام اللامي، ويتصل بالدرقي من قدام ثم يستعرض ويلتف على الذي لا اسم له حتى يتحد طرفا فرديه وراء الذي لا اسم له، فإذا تشنج ضم الدرقي إلى الذي لا اسم له فتضيق الحنجرة.
وثانيهما: زوج كل فرد منه مضاعف فلك أن تجعله زوجاً واحداً ولك أن تجعله زوجين ويصل ما بين الدرقي، والذي لا اسم له. فإذا تشنج ضيق لا محالة، ومن يجعل هذا زوجين ربما ظن بعضهم أن أحدهما يستبطن الحنجرة، والآخر يظهر عليها، وإنما احتيج إلى هذين الزوجين ليتعاضدا على قوة هذه الحركة. وإنما ضعف أحدهما دون الموسع لأن الحاجة إلى قوة هذه الحركة أكثر منها في الموسعة، لأن المضيقة فعلها مقاوم لفعل عضلات الصدر مقاومة ما، لأن تلك تحاول إخراج الهواء وإدخاله بسرعة وذلك إنما يكون في منفذ واسع، وهذه تمنع ذلك بتضييق الحنجرة.
والنوع الثالث: المفتح للحنجرة. وهو زوجان: أحدهما: تأتى عضلتاه إلى الطرجهال من خلفه فيلتحمان بطرفه اللامي الذي لا اسم له يمنة ويسرة. فإذا تشنجتا رفعتا الطرجهال فتبرأ عن ملاقاة الدرقي.
وثانيهما: يأتي الطرجهال من جانبيه فيتصل كل فرد منه بجانبه من أسفل فإذا تشنجا رفعاه مادين له إلى الجانبين، وإنما احتيج إلى هذين الزوجين ليتعاضدا على رفع الطرجهال بسرعة، فإن رفع المبطوح بجذب طرفه فقط أو بجذبه من الجانبين فقط عسر، والجذب من الجانبين ظاهر أنه إنما يمكن بعضلتين.
فأما الجذب من الطرف فإنه وإن أمكن بعضلة واحدة في وسطه لكنه بعضلتين أولى. وكلا الزوجين يلتحمان بالذي لا اسم له، كل واحدة من الجهة التي يأتي منها الطرجهال.
والنوع الرابع: المطبق للحنجرة. وهذا ليس يمكن أن يكون من خارج الحنجرة لأن أطباقها إنما يمكن أن يجذب الطرجهال إلى ملاقاة الدرقي.
فلو كان هذا الجاذب من خارج الحنجرة لكان ليفه إنما يصعد إلى الطرجهال من قدام فم الحنجرة أو من جانبيه إلى قدام، فكان عند انفتاحها ورفع هذا الطرجهال فإنما يبقى ذلك الليف مضيقاً لمنفذ الهواء إلى الحنجرة، وموجباً لخلل في الكلام فلا بد وأن يكون من داخل الحنجرة، فلو كان كبيراً لضيقها فلا بد وأن يكون صغيراً، ولكن هذا الإطباق لا بد وأن يكون قوياً جداً حتى يكون مقاوماً لجميع العضلات الصدر والحجاب عند إرادة حبس النفس. وإنما يمكن ذلك مع صغر هذا العضل بأن يكون ذلك العضل قوياً جداً. ولم يمكن أيضاً أن يكون عدده كبيراً لئلا يلزم ذلك ضيق الحنجرة فجعل هذا العضل زوجاً واحداً. وكل واحد من فرديه صغير جداً قوي غاية القوة، ويبتدئ الفردان من داخل الدرقي يمنة ويسرة. ويصعدان آخذين إلى خلف ليتصلا بالطرجهال مثبتين فيه من جانبي طرفه الملاقي للذي لا اسم له، ولا بد وأن يلتحما في ممرهما بالذي لا اسم له. وفائدة ابتدائهما من أصل الدرقي أن يكون تشنجهما مع كونه محدثاً للانطباق موجباً لانضمام الدرقي إلى الذي لا اسم له انضماماً ما، فيكون السد محكماً، وقد يوجد في بعض الناس زوج صغير موضوع في أعلى الذي لا اسم له من داخل يتصل بالدرقي من طرفه يعين الزوج المذكور في الانطباق.
قوله: والعضل المفتحة للحنجرة منها زوج ينشأ من العظم اللامي فيأتي مقدم الدرقي هذا الزوج ليس من العضل المفتحة بل من الموسعة.
قوله: فإذا تشنج أبرز الطرجهال يشبه أن يكون ذلك غلطاً من النساخ، لأنه حينئذٍ إنما يبرز الدرقي.
قوله: يعد في عضل الحلق الجاذبة. هذا أيضاً كأنه قد وقع على سبيل الغلط من النساخ.
والحق أن يقال: من عضل الحلقوم لا الحلق.
قوله: فأعان في انبساط الحنجرة.
ينبغي أن يقال: فأعان في انفتاح الحنجرة لأن التمدد الحادث عن هذا الزوج إنما هو تمدد الطرجهال لا تمدد الحنجرة.
قوله: فإذا تشنج ضيق أسفل الحنجرة ليس المراد هنا أنه يضيق أسفلها فقط، بل أنه يضيق جميع أجزائها حتى أسفلها، ولا كذلك الزوج الأول. فإن أكثر تضيقه إنما هو لو سط الحنجرة، لأن التفافه عليها لا على الذي لا اسم له. والله ولي التوفيق. ===========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الحادي عشر 
///////////////
الفصل الحادي عشر
تشريح عضل الحلقوم الحلق
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه فأما الحلقوم جملة... إلى آخر الفصل.
الشرح لفظ الحلقوم يقال عند الأطباء على قصبة الرئة، وليس ذلك المراد ها هنا، فإن العضل المذكور ها هنا ليس هو عضل قصبة الرئة. وقد يقال على المجتمع من قصبة الرئة والحنجرة إذ الحنجرة هي طرف الحلقوم ورأسه فتكون من جملته، وهذا هو المراد ها هنا. والعضل المذكور له ها هنا هو في الحقيقة عضل الحنجرة، وهو الزوجان اللذان ذكرناهما في تشريح عضل الحنجرة.
والثاني منهما: هوا لذي ذكر أنه يصحب الزوج الأول في كثير من الحيوان.
وأما لفظ الحلق فالمراد به العضو المشتمل على الفضاء الذي فيه مجرى الطعام والنفس وفائدة النغانغ منع تسخين ذلك المكان، وإدفائه حتى لا يتضرر ببرد الماء والهواء الواردين، هو أن يكون المكان هناك ضيقاً ولذلك فائدة الصوت والازدراد.
أما الصوت فليكون الهواء الخارج من فضاء الحنجرة خارجاً إلى مكان ضيق فيكون ما يحدث عنه من القرع أكبر، ونظير ذلك من المزمار الطرف الضيق الذي في أعلاه الذي ينتهي إليه الفضاء الواسع الذي دونه. وأما فائدة ذلك للازدراد فلأنه يعين على سهولة نزول الطعام إلى فضاء المريء لأن المكان هناك لو كان متسعاً لكان الطعام قد يقع على حافات فم المريء فيعسر نزوله فيه.
وقد حذف الشيخ ها هنا عضلات قصبة الرئة فينبغي أن نشير إليها إشارة حقيقية فنقول: لما كانت قصبة الرئة مخلوقة لأجل التنفس، ولأجل الصوت وكان الصوت يختلف في ثقله وحدته باختلاف منفذ الهواء الفاعل له في سعته وضيقه وجب أن يكون بهذه القصبة تمكن من التضييق، وذلك إذا أريد تحديد الصوت كما قد يستعمل لذلك حينئذٍ في الآلات الصناعية واليراع المعروف بالزير ومن الاتساع وذلك إذا أريد تثقيل الصوت أو تعظيمه جداً كما قد يستعمل لذلك حينئذٍ من الآلات الصناعية اليراع المعروف بالبم وإنما يمكن ذلك كما قلنا مراراً بأن يكون هناك عضل تحركها هذه الحركات لكنها قد خلقت على السعة التي قلما يحتاج الإنسان لذلك إذا أزيد منها فلهذا خلق لها عضل التضييق فقط، وهي عضلات أربع: اثنتان منها تأتيان من الطرف الأسفل من العظم المنتصب الذي في العظم اللامي وينزلان على طول القصبة ملتحمين بالقص من داخل. وقد يتوهم أنها أربع عضلات والاثنتان الأخريان أصغر من هاتين، وتأتيان من الأجزاء السفلية من الغضروف الدرقي، وتنتهيان أيضاً عند القص محتويتين على القصبة من الجانبين.
وهذه العضلات إذا تشنجت جمعت أجزاء القصبة وضمتها وانجذب لذلك ما يتصل بكل زوج منها.
أما الزوج الأول فضلع العظم اللامي.
وأما الزوج الثاني فالغضروف الدرقي.
وكلاهما ينجذبان حينئذٍ إلى أسفل. وإنما احتيج إلى تكثير هذه العضلات لأن جرم القصبة لصلابته إنما يمكن انضمامها عن قوة قوية تفتقر إلى عضلات كثيرة. وإنما احتيج أن تكون هذه العضلات متشبثاً بعضها بالعظم اللامي وبعضها بالغضروف الدرقي، لأن الحاجة إلى تضييق الحنجرة إنما يكون في الأكثر إذا أريد تحديد الصوت وذلك محوج إلى تقصير المنفخ فجعلت هذه العضلات مع أنها مضيقة للقصبة هي أيضاً مقصرة لها تجذب الغضروف الدرقي والعظم اللامي إلى أسفل. والله ولي التوفيق. =======
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثاني عشر 
/////////////////////////
الفصل الثاني عشر
تشريح عضل العظم اللامي
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العظم اللامي... إلى آخر الفصل.
الشرح إنا قد تكلمنا في هذه العضلات عند تشريحنا لهذا العظم. إذ وقع ذلك بسبب أننا تكلمنا هناك في الأشياء التي ترتبط بها، ومن جملتها هذه العضلات. والله ولي التوفيق. ========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثالث عشر 
/////////////////////
الفصل الثالث عشر
تشريح عضل اللسان
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما العضل المحرك للسان... إلى آخر الفصل.
الشرح إن لسان الإنسان ونحوه يحتاج إلى حركات متفننة. أما الإنسان فلأجل الكلام ومضغ الطعام. وأما غير الإنسان فإنما يحتاج إلى ذلك لأجل الطعام فقط. ولذلك وجب أن يكون للسان الإنسان عضلات تحركه الحركات التي يفتقر إليها في ذلك. ويجب أن يكون منشأ كل واحدة منها من الموضع الذي هو أجود لها.
فالزوج الذي ينشأ من الزوائد السهمية ينشأ من قواعد تلك الزوائد، وهو دقيق طويل يتصل به كل فرد منه بجانب من اللسان، ويحركه حركة مؤربة فيعرضه بذلك.
أما دقته فلأن للسان للحميته يسهل تحركه عرضاً، فيكفي في ذلك أدنى قوة.
وأما طوله، فلبعد المسافة بين هذه الزوائد وبين اللسان.
وإنما كان زوجاً لأنه لو كانت واحدة لكانت إذا جذبت اللسان من جانب مال إلى ذلك الجانب من غير أن يستعرض لأن اللسان لخفته يسهل جداً تحركه إلى الجوانب. وأما الاستعراض فإنما يتم بتمدد جرمه. فتكون حركة الميل أسهل وإنما أنشئ هذا الزوج من هذه الزوائد لأنه لو كان من جانبي الفك لكان ليفه يأخذ من الفك إلى اللسان فيصير الجرم المركب من اللسان ومن ذلك الليف مالئاً لفضاء الفم عرضاً ومانعاً من باقي حركات اللسان لأجل اتصاله بالفك، ولو أنشئ من العظم اللامي لكان أخذه على اللسان على الاستقامة فلا يمكن جذبه له إلى كل واحد من الجانبين، ولأجل أن هذه الزوائد وراء اللسان ومائلة عنه إلى الجانبين. لا جرم صار جذب هاتين العضلتين للسان جذباً مؤرباً.
وأما باقي هذه العضلات فلما جاز أن تكون آخذة إلى اللسان على سمت مستقيم من غير توريب لا جرم كان الأولى أن يكون منشؤها من العظم اللامي.
وإنما أنشئ الزوج المطول من أعالي هذا العظم ليكون على محاذاة اللسان في السمك، إذ لو كان في مكان أعلى من اللسان لكان يرفعه عند التطويل إلى فوق، ولو كان من مكان واحد أسفل منه لكان يحطه حينئذٍ إلى أسفل، وإنما جعل اتصاله باللسان في وسطه ليكون إذا تمدد ضغط كل واحد من طرفيه فيبعده عن الآخر ويلزم ذلك طوله، وإنما احتيج في اللسان إلى هذه الحركة لأن من الأشياء ما يحتاج الإنسان ونحوه إلى ذوقها من غير إدخالها في الفم، وإنما يتم ذلك بإبراز اللسان إليها.
والحية تخرج لسانها مسافة طويلة، وبعض الحيات يخرج لسانها مقسوماً باثنين، وأما الزوج المحرك على الوراب قلما احتيج فيه أن يكون وضعه مع ميل يسير إلى جانبي اللسان ليكون بين المعرض والمطول احتيج أن يكون منشؤه من ضلعي العظم اللامي اللذين من فوق أحد فرديه من الضلع الأيمن والآخر من الأيسر.
قوله: من الضلع المنخفض من أضلاع العظم اللامي لا يريد بالمنخفض ها هنا السافل لأن الضلعين السافلين اللذين لهذا العظم لا يجاذبان اللسان بل ينزلان عنه فلا يجوز اتصال المحرك على الوراب بهما، وأما الزوج الباطح للسان فمنشؤه من الطرف الأعلى من العظم المنتصب من جملة العظم اللامي.
وإنما أنشئ من هناك لأن التحريك المعتد به لهذا الزوج إنما هو لهذا العظم فقط وذلك بأن يجذبه إلى فوق فيكون في مقابلة العضل الجاذبة له إلى أسفل وهي التي من عند القص. وأما تحريكه للسان فيبلغ من قلته إلى حد فلا يظهر للحس. وهذا الزوج يمتد تحت اللسان في طوله إلى موضع الذقن. وجالينوس جعل هذا الزوج عضلة واحدة مضاعفة. والله ولي التوفيق. ================
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الرابع عشر 
 
/////////////////////
الفصل الرابع عشر
تشريح عضل العنق
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العضل المحركة للرقبة... إلى آخر الفصل.
الشرح إن عبارة الكتاب في هذا ظاهرة بينة غنية عن الشرح. والله أعلم. ================
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الخامس عشر 
/////////////////////////////
الفصل الخامس عشر
تشريح عضل الصدر
والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول العضلات التي تبسط الصدر قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العضل المحركة للصدر منها ما.... إلى قوله: وأما العضل القابضة للصدر فمن ذلك ما تقبض.
الشرح لما كان التنفس إنما يتم بانبساط يجذب معه الهواء لاستحالة الخلاء وانقباض تندفع معه فضول الروح وما يسخن من الهواء الوارد لأجل ضيق المكان واستحالة تداخل الأجسام فلا بد من عضلات تفعل ذلك ولما كان الغرض بالصدر أن يكون وقاية لما يحويه من القلب والرئة ونحوهما من الأعضاء الكريمة لم يمكن أن تكون عظامه بحيث تزول عن مواضعها عند هذه الحركات، وإلا كان يكون تركيبه واهياً فلا بد وأن تكون هذه الحركات عسرة فلذلك لا بد وأن تكون بعضلات كثيرة جداً، وخصوصاً وهذا المتحرك وهو الصدر عضو عظيم وهذه العضلات منها ما ينبسط فقط، ومنها ما ينقبض فقط، ومنها ما يفعل الأمرين. أما التي تنبسط فقط، فمنها ما هي بتحريك الصدر خاصة، ومنها ما ليس كذلك.
والثانية: زوج: كل فرد منه مضاعف يتصل أعلاه بالرقبة من قدامها ومنشؤه من أجنحة فقار الرقبة خاصة الثانية منها، وتبلغ إلى الإبط، وتصير إلى الضلع الخامس، وربما ما بين السادس، وملتحم بجزء من الخامس بالضلع الأول الذي هو عند الترقوة وهو إلى الاستدارة مع طول، وله فعل بجزئه المتصل بالرقبة، وهو جذبها إلى قدام، وفعل بالأجزاء المتصلة بالصدر وهو بسطه. وبسط هذا الزوج للصدر ظاهر بين، ولا كذلك تحريكه للرقبة فقط. فلذلك يعد في عضلات الصدر دون عضلات الرقبة وسبب ذلك أنه لما أريد منه بسط الضلع الأول بسطاً ظاهراً احتيج أن يكون متصلاً بالرقبة حتى إذا تشنج جذب ذلك الضلع إلى فوق وقدام فبسطه، وإنما يتم ذلك بقوة قوية فاحتيج أن يكون هذا الزوج عظيماً متصلاً بالرقبة كلها من قدامها، فلزم ذلك أن يكون تشنجه موجباً لانجذابها إلى أسفل. ولم يكن ذلك مقصوداً منه أو لاً، فلذلك لا يكون لها ظاهراً.
قال جالينوس: وهو يحني الرقبة مع تأريب.
أقول: إن ذلك إنما يكون إذا كان المتحرك أحد فردي هذا الزوج، وأما إذا تحركا معاً فإن جذبه للرقبة يكون على الاستقامة، وسبب ذلك أن ليفه يتصل من جانبي الفقرات بالأجنحة وينحدر إلى الإبطين، فإذا تشنج أحد فرديه كان جاذباً للرقبة إلى أسفل وإلى ناحية الإبط. ويلزم ذلك أن يكون جذبه لها مؤرباً. وأما إذا تشنج الفردان جميعاً فإن انجذاب الرقبة إلى أحد الجانبين يبطله انجذابها إلى الجانب الآخر، وإنما لم يمتد هذا الليف من سناسن الفقرات لئلا يلزم عند تشنج أحد الفردين ميل العنق إلى جهة ذلك الفرد ويلزم ذلك ضيق قصبة الرئة، وهو مضاد للغرض من بسط الصدر المقصود بحركة هذا العضل. إذا الغرض من بسط الصدر هو جذب الهواء إلى داخله وضيق قصبة الرئة معسر لذلك والأولى وهي العضلات التي تحرك الصدر وتبسطه وهذه فيها ما فعلها كذلك متفق عليه عند المشرحين. ومنها ما ليست كذلك.
والثانية: هي التي تسمى عضل الترقوة وهي زوج تحت كل ترقوة عضلة خفية إنما تدرك إذا شيلت تلك الترقوة وهي لحمية تتصل بالترقوة وبالضلع الأول.
واتصالها بالترقوة بالجزء الأصغر المتصل منها بالقص وبالجزء الذي يصعد إلى رأس الكتف، وقد وقع في فعل هذا الزوج خلاف بين المشرحين.
والذي ذهب إليه جالينوس، وهو الحق، أنه ليسط الصدر يجذب الضلع الأول الصغير إلى قرب حد الذي أكبر منه والأولي وهي التي بسطها للصدر متفق عليه فمنا زوج.
قال جالينوس فيه: من شاء أن يجعله عاماً للصدر والكتف فله ذلك، ومن شاء أن يجعله خاصاً بالصدر فله ذلك، وذلك لأن هذا الجزء الزوج ينشأ كل فرد منه من قاعدة الكتف، ويمتد على الصدر حتى يبلغ إلى ضلعين من أضلاع الخلف عند قرب منشأ الأجزاء الغضروفية منها، والجزء من هذا العضل الذي عند قاعدة الكتف متوار حتى إنما يرى بعد شيل الكتف وأجزاؤه التي على الصدر غير ملتحمة بل كأنها تنقسم عند كل ضلع إلى عضلة. وهذا الزوج يبسط الصدر بسطاً عظيماً، وذلك بسبب اتصاله بأضلاع كثيرة منه وجذبه لها إلى قدام، وإلى الجانب الوحشي، ومن هذه العضل ما ليس كذلك، فمن ذلك ما يسمى باسم آخر غير العضل وهو الحجاب، وسنذكره في موضعه. ومنها ما ليس كذلك، وهي الزوج الذي ينشأ من الفقرة السابعة من فقار العنق. ومن الفقرة الأولى والثانية من فقار الصدر، ويتصل بأضلاع القص، وللصدر زوجان آخران يبسطانه، أحدهما يبتدئ من الفقرة الثانية من فقار الرقبة ويمتد إلى أضلاع الخلف، ويمر بالموضع المقعر من الكتف. وثانيهما: أصغر من هذا يبتدئ من الفقرة الأولى من فقرات العنق، وتمتد إلى الضلع الخامس، ويمر إلى قدام الكتف. والله أعلم.
البحث الثاني العضلات التي تقبض الصدر قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل القابضة للصدر فمن ذلك...إلى قوله: وأما العضل التي تقبض وتبسط معاً فهي العضل.
الشرح العضل التي تقبض الصدر ولا تبسطه منها ما تنسب إلى البطن وهي الأجزاء العالية من العضلات الشاخصة من عضلات البطن وستعرفها. ومنها ما ليس كذلك فمنها ما هو ممتد مع عضلات الصلب عند أصول الأضلاع وهذه إذا تشنجت جمعت هذه الأصول بعضها إلى مقاربة بعض وشدتها، ومنها ما هو ممتد في جنبي عظام القص من داخل من أو له إلى آخره.
فإذا تشنجت ضمت أطراف الأضلاع المتصلة به بعضها إلى مقاربة بعض، ومنها العضل الذي يجذب الأضلاع الأخيرة إلى أسفل. وإنما كانت العضلات القابضة أقل من الباسطة لأن البسط يفتقر فيه إلى تمديد العظام ومفاصلها وذلك لا محالة عسر فلذلك إنما يتم بقوة أخرى، وأما القبض فيتم بضم العظام إلى مفاصلها، وذلك أسهل من تمديدها إلى خارج لأنه على وفق فعل الأربطة والتمديد على ضد فعلها. ولما كان القبض يتم بضم العظام إلى مفاصلها لا جرم كان وضع عضله بقرب تلك المفاصل.
قوله: فمن ذلك ما يقبض بالعرض، وهو الحجاب إذا سكن القابض حينئذٍ ليس هو الحجاب بل الصدر هو بطبيعته لأن القاسر له على الانبساط إذا بطل فعله عاد هو بنفسه إلى طبيعته. وأما سكون الحجاب فهو شرط لا سبب ولو صح أن يقال إنه يقبض بالعرض لصح أن يقال ذلك في العضلات الباسطة أيضاً فإن سكون كل واحد منهما شرط في انقباض الصدر بالطبع. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث العضلات التي تبسط الصدر وتقبضه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل التي تقبض وتبسط معاً... إلى آخر الفصل.
الشرح كل ضلعين فلا بد وأن يكون بينهما عضل يسد الخلل بينهما ويشد كل واحد منهما بالآخر حتى يكون وضعهما محفوظاً موثقاً. وهذا وإن أمكن أن يكون بغير العضل إلا أن العضل أولى لأن لها مع ذلك نفع في فعل الصدر. وهو الانبساط والانقباض وينبغي أن يكون هذا العضل آتياً من فقار الصلب واصلاً إلى عظام القص ليكون ساداً لجميع ما يقع بين الضلعين، ولكن وضع هذا الليف يجب أن يكون في وضعه مخالفاً لو ضع العضل لأن هذا العضل آخذ من خلف إلى قدام. وأما الليف فيجب أن يكون آخذاً من فوق إلى أسفل ليكون واصلاً بين الضلعين.
وينبغي أن يكون سلوكه كذلك بتوريب. فإنه لو كان منتصباً لم يكن قابلاً للتمدد الذي يوجبه بسط الصدر قبولاً سهلاً ضرورة أن يكون حينئذٍ على أقصر الطرق الواصلة بين الضلعين وينبغي أن يكون سلوكه كذلك بتوريب فإنه لو كان منتصباً لم يكن قابلاً للتمدد الذي يوجبه بسط الصدر قبولاً سهلاً ضرورة أنه يكون حينئذٍ على أقصر الطرق الواصلة بين الضلعين وينبغي أن لا يكون كله على وضع واحد بل على وجه مقاطع بعضه بعضاً ليكون بعضه مرتبطاً ببعض فيكون تأليفه قوياً فلذلك تكون هيئته على صورة كتابة السين في كتابة اليونان.
قال جالينوس: وعدد هذه العضلات اثنتان وعشرون عضلة إذ بين كل ضلعين عضلة واحدة، وليس بين الطرفين، وبين غيرها هذا النوع من العضل، وعدد الأضلاع أربعة وعشرون ضلعاً فلذلك تكون هذه العضلات اثنتين وعشرين عضلة.
وأما صاحب الكتاب فقد جعل كل واحدة من هذه العضلات أربع عضلات فيكون عددها ثمانياً وثمانين عضلة. واحتج على ذلك بأن هيئات الليف في كل واحدة منها على أربعة أحوال وذلك لأن كل واحد من هذه كلها أجزاء تلي الصلب. وهو حيث الأضلاع منحدرة من فوق إلى أسفل وجزء يلي القص وهو حيث الرؤوس الغضروفية. والليف في كل واحد من الجزأين ما كان منه إلى خارج الصدر فهو على خلاف هيئة ما هو فيه إلى داخله، فلذلك تكون ألياف ما بين كل ضلعين على أربعة أو جه. فيكون ذلك أربع عضلات.
ونحن نقول: إن الأمر كذلك لا لأن هذه الألياف مختلفة الوضع فقط بل لأن فعلها مختلف أيضاً. وذلك لأن الألياف التي من جهة الصلب ما كان منها إلى خارج الصدر فهو باسط، وما كان منها إلى داخله فهو قابض، والألياف التي من جهة القبض بالعكس، أعني ما كان منها إلى خارج الصدر فهو قابض. وما كان منها إلى داخله فهو باسط، واختلاف الأفعال لا شك في دلالته على اختلاف العضل.
وقال جالينوس: إن مع هذه العضلات زوج صغير يجذب الضلع الأول إلى فوق كما تجذب عضلتان أخريان الضلع العاشر والحادي عشر إلى أسفل، وأما الضلع الثاني عشر فهو خارج من الحجاب ويلتحم بالعضلة الصغيرة من العضل المؤرب الذي على البطن.
وربما رأينا مراراً كثيرة عضلة خاصة صغيرة تجذبها إلى أسفل. والله ولي التوفيق. ============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السادس عشر 
//////////////////////
تشريح عضل حركة العضد
والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول العضلات الثلاث الآتية إلى الكتف من الصدر قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه
عضل العضد هي المحركة... إلى قوله: وعضلتان تأتيان من ناحية الخاصرة وتتصلان أدخل.
الشرح لما كان مفصل العضد مع الكتف محتاجاً إلى أنواع كثيرة من الحركات الإرادية التي إنما آلام بالعضل. وكان تحريك المستطيل من طرفه رفعاً وإلى الجانبين ونحو ذلك مما يحوج إلى قوة قوية جداً، وجب أن تكون العضل المحركة لهذا المفصل كبيرة عظيمة وإنما وجب أن يكون اتصال هذه العضلات بطرف العضد لأنها لو اتصلت بغير ذلك الموضع لزمها عند التحريك رفع ما فوق أو تارها من الجلد وذلك عسر مؤلم وأول هذه العضلات المذكورة في الكتاب ثلاث عضلات تأتي من الصدر: الأولى: تبتدئ من تحت الثدي وهو الموضع المنخفض الخارج عنه وتلتحم أكثر أجزائها بالعضلة الثالثة التي نذكرها، وتنتهي إلى وتر غشائي ويلتحم في مقدم العضو في الجزء المعروف بزيق النقرة خاصة الذي من قدام، وإنما جعل هذا الوتر غشائياً ليتسع له ولعظم العضد الزيق فإذا تشنجت هذه العضلات جذبت العضد مقربة له من الصدر لأن ابتداء ليفها من هناك، وتقريبها له من الصدر مع اشتراك، لأن موضع اتصالها بالعضد أعلى من موضع اتصالها بالصدر وهذا الاشتراك ليستتبع الكتف لارتباطه بالعضد بالأربطة التي عرفتها عند كلامنا في العظام.
والعضل الثانية: تبتدئ من العظم الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس من عظام القص، ويصعد إلى الجزء العالي من رأس العضد وهو الذي يلي الترقوة وهناك يلتحم برباط غشائي حول هذا المفصل. ووتر هذه العضلة أقوى من وتر التي قبلها وذلك لأمرين: أحدهما أن وتر تلك احتيج أن يكون غشائياً لما ذكرناه، ويلزم ذلك أن يكون ضعيفاً لأجل رقته.
وثانيهما: أن تحريك تلك العضلة هو تقريب العضد من الصدر مع اشتراك وذلك أسهل من تحريك هذه، وهو تقريب العضد من الصدر مع استرفاع. وسبب ذلك أن وترها يأتي طرف العضد من فوق والعضلة الثالثة هي أعظم هذه العضلات وتبتدئ ليفها من جميع عظام القص ويمر الجزء الأعلى من ليفها عرضاً إلى موضع الكتف لأن منشأه على محاذاته أو بالقرب من ذلك، ويمر الجزء الأسفل منه إلى هناك صاعداً على توريب لأن منشأه هذا الجزء من أسافل القص فيكون طريقه إلى الكتف، لذلك قال جالينوس: أن للأول أن يضع أن هذه عضلتان لا عضلة واحدة وذلك لأجل اختلاف المذكور في ليفها أو ليف جزئها السافل شديد المخالفة لليف جزئها العالي وكلا الجزأين كبيران لكن العالي أكبر كثيراً إذ الثدي موضوع على هذه العضلة لأنه في طريق سلوكها. والجزء اللحمي من الإبط الذي في مقدم الصدر من هذه العضلة إلا القليل منه، وأكثر ذلك من الجزء السافل منها، وذلك لأن هذا الجزء من الإبط لما كان جذب الجزء من العضلة للعضد حينئذٍ قوياً إذ لا يكون ذلك الجذب معتمداً على عظم لأنه لو لم يكن جذباً إلى المنشأ بل إلى موضع الزاوية المنفرجة فلذلك احتيج أن يكون نفوذ هذا الجزء إلى الكتف على وجه يجذب عنه هذا الجزء من الإبط. وسواء كان هذا الجزآن عضلة واحدة، أو عضلتين فإن الوتر الجاذب منهما واحد وهو وتر دقيق بالقياس إلى ما يقتضيه جرم هذه العضلة ومع ذلك فلحميته قليلة وإنما خلق كذلك ليكون مع دقته شديد القوة، وإنما أريد أن يكون دقيقاً لئلا يثقل طرف العضد ويغلظه، واتصال هذا الوتر هو بأسفل مقدم العضد فإذا تشنج جزؤها العالي أقبل بالعضد نحو الصدر رافعاً له إلى فوق قليلاً لأن ليف هذا الجزء يرتفع بعضه عن طرف العضد فإذا تشنج جزؤها الأسفل أقبل العضد نحو الصدر خافضاً له لأن جذب هذا الجزء يكون على تأريب كما هو وضع ليه فإذا تشنج الجزآن معاً أقبلا بالعضد نحو الصدر على استقامته من غير رفع ولا خفض لأن ما يقتضيه كل واحد من الجزأين من ذلك يبطله الجزء الآخر، وإنما تتكافأ القوتان في ذلك فلا يكون الرفع أولى بسبب كون الجزء العالي أكبر وذلك لأن هذا الجزء وإن كان اكبر فليس جميع أجزائه ذاهباً إلى رأس العضد في أعلاه بل بعضه يكون أسفل من محاذاة ذلك الموضع وهو ما قرب من الجزء السافل. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني عضلتي الخاصرة المحركتين للصدر قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وعضلتان تأتيان من ناحية الخاصرة تتصلان... إلى قوله وخمس عضلات منشؤها من عظم الكتف عضلة منها منشؤها.
الشرح
أما الأولى من هاتين العضلتين فهي أغلظ وأطول من جميع العضل المحركة لعظم العضد ومنشؤها من الفقار الذي يتصل بها أضلاع الخلف ويلتحم على عضل الصدر صاعدة حتى تلتحم أيضاً بقاعدة الكتف ثم تمتد إلى قدام على تأريب يسير ملتحمة مسافة ما على العضل الموضوع على الضلع المنخفض من أضلاع الكتف فإذا بلغت محاذاة الإبط صعدت إلى عظم العضد والتحمت به بوتر قوي جداً إلى العرض ما هو والتحامها به من الناحية الداخلة من وتر العضلة العظيمة الصاعدة التي تقدم ذكرها وهي إحدى تلك العضلات الثلاث. وهذه العضلة تلتحم بعضلتين: إحداهما: موضوعة فوقها في نفس الإبط.
والأخرى تبلغ إلى مفصل المرفق.
وإذا تشنجت هذه العضلة جذبت العضد إلى جهة ضلوع الخلف، لان تشنجها يكون إلى هناك، وإنما خلقت عظيمة لأن تحريك المستطيل من طرف هذه الحركة عسر جداً.
وأما العضلة الثانية فهي عند مبدئها رقيقة جداً، وتزداد غلظاً كلما ارتفعت ومبدؤها من الأغشية التي تحت الجلد الذي على عظم الخاصرة. فلذلك ولرقتها هناك جهلها كثير من المشرحين، لأنها تنكشط مع الجلد عند السلخ فلا يظهر لهم، فإذا بلغت الإبط ازدادت غلظاً كثيراً حتى ترى هناك عضلة ظاهرة وينتهي إلى وتر غشائي. وهذه تفعل فعل الأولى لأن مبدأ هذه أميل إلى قدام من تلك. وتتصل بطرف العضد فإذا جذبت بتشنجها رأس العضل إلى قدام مال ما فيه إلى خلف، وإنما لم تحتج هذه عند مبدئها أن تكون متصلة بعظم لأنها لطولها تكثر الأجزاء التي تتصل بها من الأغشية ونحوها فيقوم ذلك لها مقام العظم لو كانت قصيرة، وسبب اختصاص هذه بذلك أنها مع عظمها لا تحتاج أن تكون قوية جداً لأنها يقصد منها فعل مستقل بل أن تكون معينة للمذكورة قبلها. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث باقي عضلات هذا المفصل قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وخمس عضلات منشؤها من عظم الكتف عضلة منها... إلى آخر الفصل.
الشرح قد علمت أن عظم الكتف على ظهره عظم مثلث فإذا لم يمتل جانباه لحماً، ولم يختف بعظم الكتف لحم، لم يمكن تسطح ظاهر البدن هناك مستحسناً وكان نتوء الجلد يعده للتضرر بالملاقيات، ولحم العضل أولى بذلك لأنه مع نفعه هذه المنفعة يفيد في تحريك العضد فلذلك خلق على هذا العظم خمس عضلات كبار ذوات أو تار عراض قوية كلها تلتحم بعظم العضد. وهذه العضلات بعضها فيما بين العظم الدرقي المثلث والضلع العالي من عظم الكتف، وبعضها فيما بين ذلك المثلث، وبين الضلع السافل من عظم الكتف، وبعضها في غير هذين الموضعين، والأولى من هذه الخمس تنشأ من الضلع الأعلى من الكتف وتملأ ما بين هذا الضلع وبين المثلث الذي على ظهر الكتف وينفذ إلى الجزء الأعلى من رأس العضد، وهو الرمانة الوحشية، وهي الخارجة عن نقرة الكتف وتتصل بهذه الرمانة مائلة يسيراً إلى الأنسي وهي تبعد العضد عن الصدر مع ميل إلى الأنسي لأنها إذا تشنجت جذبته إلى فوق، وذلك لأن تشنجها يكون إلى ظهر الكتف، وهو فوق العضد، ومع ذلك تميله إلى الأنسي لأن جهته الموضع الذي يشغله لحمها هو بالنسبة إلى موضع اتصالها بالعضد أنسي.
والثانية من هذه الخمس تملأ ما بين العظم المثلث وبين الضلع الأسفل من أضلاع عظم الكتف. وتتصل برأس العضد من الجانب الوحشي جداً فيبعده عن الصدر مع ميل إلى الوحشي إما بتبعيدها له عن الصدر فلأنها ترفعه إلى فوق، ولأنها تتشنج إلى ظهر الكتف وهو أعلى من رأس العضد وإما تمييلها له إلى الوحشي فلأن الموضع الذي يشغله وحشي بالنسبة إلى رأس العضد وقد جعل الشيخ منشأ هذه من الضلع الأعلى من أضلاع الكتف.
وأظن، والله أعلم، أنه من الأجزاء السفلية من ظهر الكتف.
والعضلة الثالثة من الخمس مشتبكة بهذه حتى يظن أنها جزء منها وهي تفعل هذه، وقد جعل الشيخ منشأها من الضلع الأعلى من الكتف أيضاً وأظن أنه من الأجزاء العليا من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف من دون نصفه ووترها يتصل بالأجزاء الوحشية بالحقيقة من عظم العضد فلذلك يكون تمييلها له إلى الوحشي أكبر وهي أصغر من الثانية. والعضلة الرابعة من الخمس تحشو تقعير الكتف ووترها قوي عريض جداً.
والعضلة الخامسة تنشأ من الأجزاء السفلية من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف وتلتحم بالعضلة العظيمة الصاعدة من الفقار الذي عند أضلاع الخلف التحاماً طويلاً وذلك في المواضيع الأنسية من العضد فهذه عضلات تحرك عظم العضد عند هذا المفصل وله عضلة أخرى ذات رأسين. فيكون جملة عضله إحدى وعشرين عضلة سوى العضلة الصغيرة التي زادها بعضهم. والله ولي التوفيق. ==========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السابع عشر 
/////////////////////
الفصل السابع عشر
تشريح عضل حركة الساعد والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول قول كليّ في العضل المحركة للساعد قبضاً وبسطاً قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العضل المحركة للساعد... إلى قوله فالباسطة زوج أحد فرديه.
الشرح قد علمت من كلامنا في العظام أن هذا المفصل له حركة انقباض وانبساط وحركة انكباب وانبطاح. وهذه الحركات إرادية إنما تتم بالعضل، فيجب أن يكون لهذا المفصل عضلات تحركه هذين النوعين من هذه الحركة، ويجب أن تكون المحركة قبضاً وبسطاً موضوعة على العضد حتى يكون قبضها بجذب الساعد إلى مقاربته وبسطها بجذبه إلى مباعدة، ويلزم ذلك أن يبقى منبسطاً.
ويجب أن يكون لكل واحدة من هاتين الحركتين عضلتان، إذ لو كان لو احدة منهما عضلة واحدة لكانت تلك العضلة إما أن توضع في جانب من العضد أو في وسطه. فإذا كان الأول كان انجذاب الساعد إلى جهة ذلك الجانب أكثر فلا يكون الانقباض أو الانبساط مستوياً. وأيضاً يكون ثبات الساعد إلى جهة ذلك الجانب أكثر فلا يكون الانقباض أو الانبساط حينئذٍ على تلك الهيئة غير قوى. إذ تلك العضلة لا تكون حينئذٍ مانعة من حركة الساعد إلى أحد الجانبين منعاً قوياً. فإذا كان الثاني كان ثبات الساعد حينئذٍ عند انقباضه أو انبساطه على هيئته ضعيفاً لأن الجذب المحاذي للوسط في القرب أو البعد غير شديد المنع للميل إلى أحد الجانبين فيجب أن يكون لكل حركة عضلتان ويجب أن يكون تحريك كل واحدة على توريب إذ المستقيم لا يمنع الميل إلى الجانبين منعاً قوياً، ويجب أن تكون الجهة التي إليها ميل توريب كل عضلة مضادة لجهة توريب نظيرتها فتكون إحدى القابضتين مثلاً تميل إلى الجانب الأنسي، والأخرى تميل إلى الجانب الوحشي ليكون لكل واحد من الميلين مانعاً من الآخر متقاومان ويبقى الساعد حينئذٍ مستقيماً في انقباضه، وكذلك في انبساطه، ويجب أن يكون وضع كل واحدة من هذه العضلات إلى جانب من العضد يكون ثبات الساعد على حاله في الانقباض والانبساط أقوى لأن تعثر الميل حينئذٍ إلى الجانبين أكبر ويجب أن تكون هذه العضلات كلها متصلة بعظام الساعد وإلا لم يمكن جذبه، ويجب أن يكون اتصال كل واحد منها بالزند المخالف لجهتها ليتحقق الجذب المؤرب. ويلزم ذلك أن يكون وضع كل واحدة منها مؤرباً عند طرفها الذي يلي الساعد، ويجب أن تكون هذه العضلات الأربع بجملتها مجللة للعضد لئلا يبقى جزء غير مستور باللحم ولذلك يجب أن يكون على طول العضد، وها هنا سؤال وهو أنه لقائل أن يقول: إن حركات هذا المفصل أكثر من حركات مفصل العضد مع الكتف إذ في أكثر الأمر يكون ذلك المفصل ساكناً، واليد متحركة، وإذا كان كذلك، وجب أن تكون عضلات هذا المفصل أكثر عدداً من عضلات مفصل العضد مع الكتف ولا أقل أن تكون مساوية لها.
وجوابه: أن الأمر ليس كذلك. وذلك لأمرين: أحدهما: أن العضلات إما أن يلزم أن تكون متكثرة بتكثير الحركات إذا كانت تلك الحركات متكثرة بالنوع، وأما إذا كانت متكثرة بالوجود فقط لم يلزم ذلك إذ قد تكون بعضلات قليلة العدد، شديدة القوة، وهذا المفصل وإن كانت حركاته توجد أكثر من حركات مفصل العضد مع الكتف فأنواعها أقل لأن العضد له أن يتحرك إلى كل واحدة من الجهات التي تعرض على محيط نقرة الكتف ولا كذلك ها هنا.
وثانيهما: أن مفصل العضد مع الكتف احتيج أن يكون عنده لحم كثير ليفي يستر عظم الكتف وحشو الخلل الواقع بين المثلث على ظهره، وبين كل واحد من الضلعين الجنبيين، وذلك لئلا يبقى تسطيح الظهر مختلاً، وأولى اللحم بذلك لحم العضل لأنه مع نقصه في ذلك ينفع في حركة العضد بحسن وجاز أن يكون العضل هناك كثيراً، ولا كذلك ها هنا، فإن هذا العضل لو كان ها هنا كثيراً، لثقل العضد، وغلظ جداً، فكان تحريكه عسراً والله أعلم.
البحث الثاني
هيئة العضلات التي بها انقباض الساعد وانبساطه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه فالباسطة زوج أحد فرديه... إلى قوله: وأما الباطحة للساعد.
الشرح أما الزوج القابض فيجب أن يكون موضوعاً على مقدم العضد. ليكون جذبه للساعد إلى ملاقاته فيكون ذلك الانجذاب أسهل، ويجب أن يكون أحد فرديه آخذاً من أنسي مقدم العضد إلى الزند الأعلى كما قلناه. ويكون الآخر آخذاً من وحشي ومقدمه إلى الزند الأسفل، وذلك ليكون الجذب مؤرباً كما أو حيناه، ويجب أن يكون الموضوع على الأنسي أعظم وأقوى، لأن الحاجة إلى ميله إلى الوحشي لأن اليدين عند الانقباض المائل إلى الأنسي يكون إحداهما مقبلة على الأخرى وذلك أحسن أو ضاعهما في التعاون على تحريك الشيء الواحد. وهذه الكثيرة القابضة تشاهد محتوية على مقدم العضد، ويبتدئ أو لاً: من الزيق العالي من زاوية الكتف، ومن الزائدة الشبيهة بالمنقار، واتصالها بالزيق برباط قوي مستدير، واتصالها بالزوائد الشبيهة بالمنقار برباط دقيق شديد الاستدارة ثم تكثر فيها الأجزاء اللحمية، وتماس العضد إلى نصفه ثم تعلو على الفرد الآخر راكبة عليه، فإذا بلغت المرفق اتصلت بالزند الأعلى، فإذا تشنجت جذبت ذلك الزند إلى مقاربة أنسي مقدم العضد. ويلزم ذلك أن يكون ذلك الانقباض مؤرباً إلى الأنسي، وأما العضلة الأخرى فتبتدأ من العضد وحده لأن جذب الأولى لما احتيج فيه أن تكون أقوى كانت محتاجة إلى ما تستند إليه من العظام أكثر وابتداؤها من خلف رأس العضد. ومن هناك تمتد في الجانب الوحشي وتصير بتأريب إلى قدام وتلتحم بالزند الأسفل آخذة تحت العضلة الكبيرة، وإنما كان كذلك لأن هذه لو جعلت من فوق لكانت معرضة للانقطاع والتضرر عن المصادمات مع صغرها ولأن وضع الزند الأعلى أرفع فيكون ارتفاع المتصل به أولى.
وأما الزوج الباسط فأحد فرديه يبتدئ من تحت مقدم رأس العضد، ويبتدئ الآخر من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف من منتصفه ثم يتحدان حتى قد يظن أنها عضلة واحدة، وباقي هذا الزوج كما قلناه في الزوج الأول.
قوله: من الزيق الأسفل من الكتف الظاهر أن هذا وقع غلطاً من النساخ، والصواب أن يقال من الزيق الأعلى لأن ذلك هو المحاذي لمقدم العضو. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث هيئة العضلات التي بها انبطاح الساعد وانكبابه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الباطحة للساعد فزوج... إلى آخر الفصل.
الشرح أما العضلة الطويلة الرقيقة المتصلة بالعضد فإيجابها لحركة الانبطاح فظاهر، وذلك لأن هذه تبتدئ من الجزء الأعلى من رأس العضد أعني الرأس الذي عند المرفق بما يلي ظاهر العضد، ويمتد إلى حد تقارب الرسغ، وهناك يتصل بالجزء الباطن من الزند الأعلى، ولا شك أن البعد المؤرب أطول من المستقيم . فإذا تشنجت هذه العضلة قصرت فلم تف بالتوريب واضطرت إلى أن تكون مستقيمة، وإنما يمكن ذلك بأن يصير الجزء الذي ينتهي إليه من الزند الأعلى مسامتاً للجزء الذي يبتدئ منه من رأس العضد، وإنما يمكن ذلك بأن تتسطح اليد على ظهرها حتى يصير باطن الكف عند بسطه متجهاً إلى فوق وإنما أمكن ذلك بسبب اتصال هذه العضلة بالعضد، واتصال الساعد عنه بمفصل يتمكن أحد عظميه من الآخر دون الآخر، وهو المرفق حتى يتمكن عند تشنجها تحريك الساعد إلى تلك الهيئة. فلذلك العضلة الأخرى لم يكن لها اتصال بالعضد لم يمكن أن تكون فاعلة لهذه الحركة لأن تشنجها حينئذ إنما تلزمه قوة ارتباط الزند العالي بالسافل، وشدة التلازم بينهما. ولا تلزمه هذه الحركة البتة إذ ليس لأحد الزندين أن يتحرك وحده البتة.
فلذلك إذا لم يكن لهذه العضلة اتصال بالعضد فإنما يكون لها فائدة إلا أنها تشد الارتباط بين الزندين فقط، وإذا عرفت هذا في العضل الباطحة فالأمر في العضل المكبة كما في هذا بعينه، فإن العضلة القصيرة إذا لم يكن لها اتصال بالعضد لم يكن لها فعل في الكتف البتة بل ليكون فعلها موثق ارتباط أحد الزندين من الجهة المقابلة للجهة المذكورة مع الباطحة. =================
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثامن عشر 
/////////////////////
الفصل الثامن عشر
تشريح عضل الرسغ
والكلام في هذا الفصل يشتمل على بحثين: البحث الأول العضلة الباسطة للرسغ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه
وأما عضل تحريك المفصل... إلى قوله: وأما العضل القابضة فزوج على الجانب الوحشي.
الشرح الذي نعلمه من كلام الفضلاء في هذا الفن، والله أعلم، أن من جملة العضلات التسع التي على وحشي الساعد ثلاث عضلات عن جنبتيه: إحداهن: على الزند الأسفل منشؤها من الجزء الأسفل من رأس العضد أعني الرأس السافل حيث المرفق وينبت منها وتر فرد بسيط يتصل بالمشط قدام الخنصر وإذا تشنجت بسطت الكف كابة له على وجهه، والعضلتان الأخريان موضوعتان على الساعد تتصل إحداهن بالأخرى حتى يظن أنها عضلة واحدة إحداهما منشؤها وسط الزند الأسفل وينبت منها وتر يتصل بالإبهام، وإذا تشنجت تباعد الإبهام عن السبابة، والأخرى منشؤها من الزند الأعلى.
وينبت منها وتر واحد يتصل بالعظم الأول من عظام الرسغ قدام الإبهام، وإذا تشنجت بسطت الكف قالبة له على قفاه، وإذا تشنجت هذه مع الأولى من عظام الرسغ قدام الإبهام، وإذا تشنجت هذه مع الأولى من الثلث بسطتا بسطاً مستوياً.
وعضلة أخرى بين الأولى والثانية من الثلاث موضوعة على الزند الأعلى تنشأ من الأجزاء السفلية من رأس العضد أعني الذي عند المرفق ويتفرع منها وتران يتصلان بوسط المشط أحدهما قدام السبابة، والآخر قدام الوسطى وإذا تشنجت هذه بسطت الكف بسطا مستوياً، هذا ما وصل إلى ذهننا من كلامهم. والله أعلم بغيبه.
البحث الثاني العضلات القابضة للرسغ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل القابضة فزوج على الجانب الوحشي... إلى آخر الفصل.
الشرح العضل القابضة للكف على ما نعرفه عضلتان في جنبي أنسي الساعد. إحداهما منشؤها من الرأس الأنسي من العضد عند المرفق ومن الرأس الزند الأسفل، ويتصل وترها بالمشط أمام الخنصر إذا انسحب قبضت الكف مع قلب قليل له على قفاه.
وثانيتهما: تبتدئ من الجزء الأعلى من الرأس الأنسي من العضد ووترها يتصل بالرسغ من أمام الإبهام والسبابة وإذا تشنجت هذه وحدها قبضت الكف مكبة له على وجهه قليلاً وإذا تشنج العضلتان جميعاً انقبض الكف اقباضاً مستوياً. وإن تشنجت هذه مع التي على الجانب الوحشي أمام الخنصر انكب الكف على وجهه انكباباً ما وإن تشنجت العضلة الأولى من هاتين مع التي على الجانب الوحشي متصلة بعظم الرسغ الذي يلي الإبهام انقلب الكف على ظهره اقلاباً تاماً وليس في العضلات القابضة للكف ما هو موضوع على الجانب الوحشي كما ليس في الباسطة ما هو على الجانب الأنسي، وأما ما يخالف هذا مما هو مذكور في الكتاب فلست أفهمه.
وإنما جعل المكب والباطح ها هنا هو الباسط والقابض بخلاف ما في العضلات المحركة للساعد وذلك لأن هذا العضو لصغره بقي قوة العضلة الواحدة بالفعلين، ولا كذلك الساعد. والله ولي التوفيق. =============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل التاسع عشر 
/////////////////////////
الفصل التاسع عشر
تشريح عضل أصابع اليد
والكلام في هذا الفصل يشتمل على ستة مباحث: البحث الأول كلام كلي في هذه العضلات قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العضل المحرك للأصابع... إلى قوله: فالباسطة عضلة موضوعة على.
الشرح قوله وكلما بعدت الرسغيات، يريد التي تمر أو تارها بالرسغ لا أنها موضوعة، فإن هذه موضوعة على الساعد.
قوله: فحصنت بأغشية تأتيها من جميع الجوانب معناه: فحصنت من جميع الجوانب بأغشية تأتيها لأن التحصين هو من كل جانب لأن تلك الأغشية تستدير عليها فتحيط بها من كل جانب لأن الأغشية تستدير عليها فتحيط بها من كل جانب وأما إتيانها إليها فليس من كل جانب بل لكل نوع منها جانب ما يأتي الأغشية منه كما نذكره. وإنما حصنت من جميع الجوانب لتوقي ضرر كل مؤذ إما من خارج كالمصادمات والصلابات الملاقية بعنف، وإما من داخل كالعظام المؤلمة لها لصلابتها وخلقت هذه الأوتار مستديرة لتكون أبعد عن قبول الآفات. فإذا وصلت إلى حيث تلاقي العضو استعرضت لتصل بأجزاء أكثر حال حركته فيكون المتحرك بها غير قلق في وضعه وجميع الباسطة موضوعة على الساعد لأنها لا بد أن تكون من جهة ظاهر الكف وهو يجب أن يكون قليل اللحم جداً كما نبينه فيما بعد.
قوله: وكذلك المحركة إياها إلى أسفل. هذا مشكل فإن بعض ما يميل إلى أسفل موضوع في باطن الكف على ما تدري من بعد والله ولي التوفيق.
البحث الثاني تشريح العضلة الباسطة لغير الإبهام
من الأصابع قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه فمن الباسطة عضلة موضوعة... إلى قوله: وأما المميلة إلى أسفل فثلاث.
الشرح لقائل أن يقول: لم خلق لبسط الأصابع الأربع عضلة واحدة وخلق لانقباضها عضلات كثيرة. وكان ينبغي أن يكون بالعكس لأن إشالة الثقيل أعسر من حطه.
وجوابه: إن الحركة القوية التي تحتاج إليها الأصابع عند الأعمال إنما هي حركة الانقباض وذلك في مثل الإمساك القوي وجر الأثقال ونحو ذلك.
وأما حركة الانبساط فهو في الحقيقة كترك العمل بالأصابع فلذلك إنما يحتاج أن تكون القوة فيه بقدر يقوى على رفع الأصابع فقط وهي قليلة الثقل فلذلك تكفي فيها قوة يسيرة، فلذلك كفى الأربعة عضلة واحدة، وهذه العضلة تحتاج أن تكون قوتها قوية، لأنها تحرك أربعة أعضاء، فلذلك خلقت عظيمة، ومنشؤها من الجزء المشرف من الرأس الوحشي من الطرف السافل للعضد، ويمتد في وسط وحشي الساعد. أعني ما بين أعلى ذلك الجنب وأسفله، وإنما خلقت كذلك ليكون ما يتوزع منها من الأوتار آخذاً إلى الأصابع على الوجه العدل، فلا تكون بعض الطرفيات أقرب إليها من مقابلها من الطرف الآخر. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث العضلات المميلة للأصابع إلى أسفل لموضوعة على وحشي الساعد قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما المميلة إلى أسفل فثلاث... إلى قوله: وأما القابضة فمنها ما على الساعد.
الشرح إن الإنسان يحتاج في أعماله إلى تمييل أصابعه تارة إلى أسفل، وتارة إلى فوق، وتارة إلى تمييل بعضها إلى أسفل وبعضها إلى فوق وذلك عند إرادة القبض على شيء عظيم لأن جملة الأصابع تكون حينئذٍ كالمحيطة بالممسوك وتحتاج أن تكون هذه الحركات قوية لتقوى الأصابع حينئذٍ على شدة إمساك ما تحتوي عليه ورفع ثقله، فلذلك خلق لها عضلات كثيرة، وحاجة المميلة إلى أسفل إلى قوة شديدة أشد لأن الأصابع حينئذٍ تحتاج إلى قوة الإحاطة مع قوة رفع ثقل الممسوك، فلذلك احتيج لها إلى عضلات قوية جداً، فاحتيج أن تكون بعض عضلاتها كبارا جداً، فاحتيج أن يكون تلك على الساعد إذ الكف لا يحتمل ذلك لأجل صغره، ولا كذلك إذا كانت مائلة إلى فوق لأنها حينئذٍ إنما تحتاج إلى قوة الإحاطة فقط. وكان ينبغي أن تكون هذه العضلات على عدد الأصابع المتحركة بها، لكن الإبهام لما كانت قوتها تحتاج أن تكون قوية حتى تكون في قوة إصبعين، وجعل لها عضلة واحدة وكفى لكل إصبعين من الباقية عضلة واحدة فلذلك صارت هذه العضلات ثلاثاً، وخلقت من جانبي العضلة الباسطة لأن تلك لما كانت حركاتها مؤربة كان أحسن أو ضاعها الطرفان، ولما كان تأريب هذه الحركات إلى جهة ظاهر الكف خلقت عضلها من الجهة الوحشية. وخلق للإبهام وحدها عضلة واحدة والباقي لكل إصبعين عضلة لأن الإبهام يحتاج إلى قوة قوية تقارب ضعف قوة كل واحدة من الأصابع الأخرى، وخلقت المحركة للخنصر والبنصر أعظم من المحركة للوسطى والسبابة وذلك لأمرين: أحدهما: ضيق المكان على المحركة للوسطى والسبابة لأنها تحتاج أن تكون من جهة أعلى الجانب الوحشي من الساعد، وفي ذلك الجانب العضلة المحركة للإبهام أيضاً فضاق المكان عليهما فاحتيج أن تكونا صغيرتين وأن يكون الاتصال بينهما كثيراً، فلذلك قد يظن أنهما عضلة واحدة ولا كذلك مكان المحركة للخنصر والبنصر فإن مكانهما لا يزاحمهما فيه غيرهما. فأمكن أن تكون عظيمة.
وثانيهما: أن هذه الحركة تحتاج أن يكون الخنصر والبنصر أقوى لما قلناه فيحتاج أن يكون عضلهما أعظم .
قوله: فثلاث منها يتصل بعضها ببعض. أما اتصال المحركة للإبهام بالمحركة للوسطى والسبابة فذلك ظاهر وشبيه ما قلناه، وأما الأخرى فظاهر أنها إنما تتصل بالوسطى الباسطة للأصابع الأربع لأنها مجاورة لها بخلاف المميلة للوسطى والسبابة. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع العضلات القابضة للأصابع الموضوعة على أنسي الساعد قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما القابضة فمنها ما هي على الساعد... إلى قوله: وأما العضلة الثالثة فليست للقبض ولكنها تنفذ.
الشرح
لما كانت العضلات القابضة للأصابع تحتاج أن يلاقيها من باطنها لا جرم فإن وضعها من تلك الجهة. ولأن هذه الحركة تحتاج أن تكون قوية فلذلك جعل لها عضلات أكثر مما للباسطة كما قلناه، ولذلك أيضاً جعل بعضها موضوعاً على الساعد للحاجة فيه إلى أن يكون عظيماً.
وهذا الموضوع على الساعد عند جالينوس عضلتان فقط.
وأما الثلاثة فليست عنده للقبض كما ظنه بعض الأقدمين بل لفوائد أخرى سنشير إليها ولكنها عدت مع القابضة بناء على قول الأقدمين، وإنما كانت هذه العضلات موضوعة في وسط أنسي الساعد أعني وسط ما بين أعلاه وأسفله للسبب الذي له خلقت الباسطة في وسط وحشي الساعد، وقد ذكرناه هناك.
ولما وجب أن تكون كلها في الوسط لم يكن بد من أن يكون بعضها فوق بعض أعني بالفوق ها هنا ما يكون فوقاً إذا كان الساعد ملقى على ظهره، ولزم ذلك فائدة وهي أن يكون بعضها مستوراً بالبعض ليكون المستور محروساً بالساتر، فلذلك كان أشرفها الذي يلاقي العظم لأنها محروسة بالباقي وإنما كانت هذه أشرف لأن تحريكها اشرف لأنها تحرك مفصلين من الأصابع، ولا كذلك الأخرى، ولذلك جعلت هذه أعظم مع أن المجلل ينبغي أن يكون أعظم مما يجلله.
قوله: متصلاً بالزند الأسفل سبب ذلك أن الزند الأعلى منحرف إلى الجانب الوحشي فيبقى وسط الجانب الأنسي في الزند الأسفل فقط. وهذه العضلة العظيمة القابضة خلق وترها يستعرض أو لاً ثم ينقسم إلى خمسة أو تار، وأما الباسطة فإن انقسام أو تارها يكون أو لاً وينقسم إلى أربعة أو تار فقط والسبب في ذلك أما الأول: فلأن هذه العضلة تعلوها عضلات أخر، فلو لم تستعرض أو تارها أو لاً جملة لكان موضعها يرتفع كثيراً إذ غير المستعرض يكون سمكه أكبر، ولا كذلك الباسطة، فإنها لا يعلوها غيرها من العضل، فتكون أو تارها معرضة للضرر والانفعال عن الملاقيات، فكان الأولى لها أن تكون مستديرة من أو ل بروزها. وأما الثاني فلأن هذه العضلة القابضة لما كانت تستعين على قبض الأصابع بعضلات أخرى أمكن تقسيمها على الخمس، ولا كذلك هذه الباسطة، فاقتصر بها على تحريك الأصابع الأربعة، وخلق للإبهام واحدة على حدة.
قوله: وقد جعل الإبهام مقتصراً في الانقباض على عضلة واحدة والأربع تنقبض بعضلتين عضلتين هذا إنما يصح إذا أراد بهذه العضلات، العضلات التي في الساعد وحينئذٍ لا تكون العلة المذكورة صحيحة. وإنما قلنا إنه إنما يستقيم إذا أريد ذلك لأن العضلات التي في باطن الراحة منها ثلاث عضلات تقبض الإبهام وثمان إذا اجتمع منها اثنتان اثنتان منها على الفعل قبضتا إصبعاً قبضاً مستوياً.
فلذلك أو تار هذه خمسة دون الباسطة. والله ولي التوفيق.
البحث الخامس تشريح العضلة المفروشة عل باطن الكف قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضلة الثالثة فليست ... إلى قوله: وأما العضل التي في الكف نفسها فهي.
الشرح هذه العضلة هي أرق العضلات التي على الساعد وفوق جميع ما في وسط أنسي الساعد حتى تماس الجلد، ويمتد لها أو لاً وتر مدور من فوق الرسغ بكثير إذا تجاوز الرسغ استعرض وانفرش والتحم بجلدة باطن الكف، وقد قال بعض قدماء المشرحين إنها ثلثي الأصابع كلها.
وجالينوس ينكر ذلك، وقد ذكر لها منافع: إحداها لتفيد الموضع حساً، وينبغي أن يعني بذلك، أنها تجعل ما تحت الجلد الذي هناك حساساً حتى لو فسد حس ذلك الجلد قامت مقامه في الحس وإنما اختص هذا الموضع بذلك لأن الحاجة إلى الحس في باطن الكف أكثر مما في باقي الأعضاء، مع أن الأعمال التي تحاولها اليد أكثرها مفسدة لحس ذلك الجلد، وذلك كحمل الأثقال ونحو ذلك مما يغلظ له هذا الجلد.
ولقائل أن يقول: لو كان الأمر كذلك لكانت خلقة هذه العضلة معطلة لأن الحس إنما يكون بالعصب فيكون خلط ذلك العصب بالرباط وانتفاشهما وحشو خللهما لحماً وغير ذلك مما يتم به يكون العضل معطلاً لا فائدة فيه.
وثانيتها: أنها تمنع نبات الشعر هناك. والفائدة في ذلك أن يبقى حس ذلك الموضع قوياً لأن الحاس اللمس إذا لقي المحسوس كان إدراكه له شديداً.
وثالثتها: أنها تدعم ما تحت الجلد وتقويه حتى لا يتضرر بصلابة ما يمسك بقوة ونحو ذلك.
والله ولي التوفيق.
البحث السادس العضلات الموضوعة في باطن الكف قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه
وأما العضل الذي في باطن الكف نفسها فهي... إلى آخر الفصل.
الشرح هذه العضلات هي أصغر عضلات اليد وبينها أيضاً خلاف كبير في العظم. والخمس التي تميل الأصابع إلى فوق تميلها أيضاً إلى الجانب الأنسي والمميلة للإبهام إلى أسفل يلزم فعلها ذلك أن يقربها من السبابة، والمميلة للخنصر إلى أسفل يلزم فعلها أن يبعدها من البنصر والمميلة لما سوى الإبهام من الخمس، وهن أربع منشؤهن من الغشاء المجلل لأوتار العضلة الكبيرة القابضة لجميع الأصابع، ولكل واحدة من هذه الأربع وتر دقيق مدور يتصل بجانب إصبع، وإذا تشنجت حركة تلك الإصبع الحركة المذكورة، وكذلك الوتر الذي ينتهي إليه الخامسة من هذه العضلات وهي المحركة للإبهام، ويلزم تحريكها لها هذه الحركة أن يبعدها عن السبابة بعداً كبيراً، والعضلتان الأخريان وهما المميلتان للإبهام والخنصر إلى اسفل أعظم من العضلات الخمس.
قال جالينوس: وإذا سلت هذه العضلات مع أو تارها ظهرت لك في المشط عضلات أخر لم يعرفها المشرحون، ولا عرفتها أنا أيضاً إلا بعد مدة طويلة. ومبدؤها من الرباط الذي يحتوي على عظام الرسغ في الموضع الذي ينتهي إليه الرسغ ثمان منها متصلة بعضها ببعض حتى ترى لكل إصبع عضلة. والله ولي التوفيق.
بحث مفرد تعديد عضلات الساعد والعضد على سبيل الاقتصار العضلات التي في الساعد منها ما هو على جانبه الأنسي، وهي سبع، ومنها ما هو على جانبه الوحشي وهي تسع. ومنها ما هو على حافته التي من فوق وهي الحافة الممتدة إلى الإبهام. وذلك أن العضلة الواحدة، جرت العادة بعدها في العضلات التي في الجانب الوحشي، وأما حافة الساعد التي من أسفل وهي التي فيها الخنصر فلم تخلق فيها عضلة البتة. فعلى هذا تكون العضلات المعدودة على الجانب لو حشي عشراً. واحدة موضوعة في وسطه وهي الباسطة للأصابع الأربع بأربعة أو تار تنشأ منها وعلى جانبها ثلاث عضلات متصلات بها. واحدة من أسفل وهي المحركة للخنصر والبنصر إلى أسفل بوترين ينشآن منها، والأخريان متوحدتان حتى يظنان واحدة إحداهما: تميل الوسطى والسبابة إلى أسفل بوترين.
وثانيتهما: تميل الإبهام إلى أسفل بوتر واحد، وعن جنبي هذه العضلات أربع عضلات، واحدة من أسفل تبسط الكف كابة له على وجهه بوتر يتصل بالمشط قدام الخنصر وعضلتان تتصلان حتى يظنا عضلة واحدة.
إحداهما تباعد الإبهام عن السبابة بوتر ينشأ منها.
وثانيتهما: تبسط الكف قالبة له على قفاه بوتر يتصل بالعظم الأول من عظام الرسغ عند الإبهام.
والرابعة هي التي تبسط الكف بسطاً مستوياً بوترين يتصل أحدهما قدام الوسطى. وثانيهما: قدام السبابة. وعضلتان مؤربتان وهما اللتان يقال: إنهما تقلبان الساعد على قفاه. فهذه عشر عضلات.
وقال بعضهم: إنها ثمان لظنه أن المميلة للإبهام إلى أسفل هي والمميلة للوسطى والسبابة عضلة واحدة، وأن المبعدة للإبهام عن السبابة غير الباسطة للكف مع قلب فتكونان عضلتين أو بالعكس، وأما العضلات التي على الجانب الأنسي من الساعد فهي سبع: واحدة في وسط هذا الجانب، وهي التي تبسط، وتنشأ منها خمسة أو تار لقبض المفصل الأول والثالث من الأصابع الأربع، والمفصل الثاني والثالث من الإبهام وأخرى فوقها، والمجللة، وأصغر منها وهي التي تقبض المفاصل الوسطى من الأصابع الأربع وتأتي منها شعبة إلى الإبهام، وفوق هاتين عضلة أخرى، والمجللة لهما، وهي التي تستعرض وتنفرش في باطن الكف، وهي أصغر من الثانية، وعضلتان على جنبي هذه الثلاث تقبضان الكف، أما السفلية فمع قلب له يسير وأما العلوية فمع كب يسير واتصالهما بعظام المشط، أما السفلية فأمام الخنصر وأما العلوية فأمام الإبهام والسبابة، وتحت هذه العضلات الخمس عضلتان مؤربتان، وهما اللتان تكبان الساعد فهذه عضلات الساعد، فأما عضلات العضد، فهي الأربع المحركة للساعد قبضاً وبسطاً، وقد بينا حالها أو لاً، فإذاً جميع العضلات التي في اليدين ثمان وستون عضلة لكل يد تسع وثلاثون عضلة. والله ولي التوفيق. ===============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل العشرون 
 
 
/////////////////////
الفصل العشرون
تشريح عضل حركة الصلب
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه عضل الصلب منها ... إلى آخر الفصل.
الشرح
ليس يمكن أن يكون الإنسان في قوامه كالخشبة لا يملك الميل إلى جهة ما. ولا بد أن يكون متمكناً من الميل في أعماله وتصرفاته يميناً وشمالاً وقداماً وخلفاً وأن يكون ذلك له بإرادته فلا بد من عضلات يكون بها ذلك ولا بد وأن تكون هذه العضلات شديدة القوة جداً. وذلك لأمرين: أحدهما: ليكون قوام الإنسان قوياً.
وثانيهما: أن هذه الحركات يلزمها تحرك أعضاء كثيرة عظام فلا بد وأن يكون الفاعل لها شديد القوة، فلذلك لا بد وأن تكون هذه العضلات عظيمة جداً، ولابد أن يكون استنادها إلى عظم عظيم جداً وذلك لأمرين: أحدهما: ليكون تمكنها قوياً.
وثانيهما: لأنها في نفسها عظيمة، وليس في البدن ما يصلح لذلك سوى الصلب، فلا بد وأن تكون موضوعة عليه فلا بد وأن تكون المنكسة للبدن إلى خلف على ظاهره، والحانية إلى قدام على باطنه حتى يكون أي نوع منهما تشنج أعالي البدن جذب إلى ناحيته فانعطف إلى تلك الجهة. ويجب أن يكون وضع كل منها في جانبي تلك الجهة وذلك لأمرين: أحدهما: ليكون إذا تشنج ذلك النوع من الجانبين معاً كان قوام البدن منتصباً على الاستقامة انتصاباً محكماً.
وثانيهما: ليكون إذا تشنج ما في أحد الجانبين. أما من النوع الواحد فيميل البدن ميلاً مؤرباً إلى الجهة التي منها ذلك النوع من الجانب الذي فيه المتشنج وأما من النوعين معاً فيميل البدن إلى ذلك الجانب ميلاً مستوياً محكماً.
قوله: فالثانية إلى خلف هي المخصوصة بأن تسمى عضل الصلب، إنما خصت هذه بذلك لأنها هي التي تظهر أو لاً للمشرحين.
قوله: وهما عضلتان نحدس أن كل واحدة منهما مؤلفة من ثلاث وعشرين عضلة، هذه يجب أن تكون كل واحدة منهما، إما عضلة واحدة أو عضلات مجتمعة يلتصق بعضها ببعض حتى يكون الجميع في حكم عضلة واحدة، وذلك ليكون المجموع بالاتحاد قوة الواحد العظيم، وإذا كان كذلك يحكم بتكثير العضلات بسبب تكثير مبادئها فتكون هذه عنده عضلات كثيرة، ثلاثاً وعشرين عضلة لأن فقرات العجز والعصعص لا تنشأ منها ليف متصل بهذه العضلات إذ تلك لا حركة لها، وكذلك الفقرة العليا من فقرات العنق وهي الأولى منها لأن هذه الفقرة كما قلناه لا حركة لها فلذلك تبقى الفقرات التي يتصل بها هذا العضل ثلاث وعشرون فقرة.
قوله: ليف مؤرب إنما وجب أن يكون هذا الليف مؤرباً لأن هذه الهيئة أو فق في تحريك ما يراد انتصابه على الاستقامة انتصاباً قوياً محكماً كما قلناه في حركة مفصل الساعد.
قوله: وهذه العضلة إذا تمددت بالاعتدال نصبت الصلب يريد بالتمدد ها هنا التشنج.
قوله: وأما العضل الحانية فهي زوجان إنما كان كذلك لأن حركة الصلب إلى خلف يمكن بكل واحدة من الفقرات التي ذكرناها، وهي الثلاثة والعشرون، وأما حركته إلى قدام غير ممكنة بالفقرات التي في أسافل الصدر إذ عظام القص تمنع من تلك الحركة فلا يكون لتلك الفقرات حاجة إلى هذا العضل فوجب أن يكون هذا العضل من قدام إلى فوق واسفل دون الوسط فصار زوجين. ولا كذلك من خلف. والله ولي التوفيق. =========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الحادي والعشرون 
///////////////////////////
الفصل الحادي والعشرون
تشريح عضل البطن
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الشرح قد ذكر الشيخ لهذا العضل ثلاث منافع: إحداها: المعونة على عصر ما في الأحشاء من البراز والبول والأجنة ليسهل خروج ذلك، وإنما احتيج في خروج هذه إلى هذا العضل: أما البراز فلأن الأمعاء بعضها تلتف، ومع ذلك يعرض لها الجفاف كثيراً لأجل جذب الماساريقا ما فيه من الرطوبات الغذائية. ولأجل حرارة الأحشاء وإذا كان كذلك كانت قوة الأمعاء الدافعة يعرض لها العجز عن دفعه فيحتاج إلى الاستعانة بعصر هذه العضلات.
وأما البول: فلأنه وإن كان رقيقاً سهل الانفصال إلا أن عنق المثانة الذي فيه المجرى موضوع إلى فوق فإنما يخرج البول بانعصار شديد من المثانة حتى يضيق تجويفها على البول، فيضطر إلى الصعود إلى ذلك المجرى، ومثل هذا الانعصار مما لا يستغنى فيه عن الاستعانة بهذا العضل.
وأما الجنين فلأن خروجه إنما يتم بتمديد شديد ليتسع منفذه إلى خارج ومع ذلك فلا يمكن أن يبلغ في الاتساع إلى حد يخرج منه الجنين بثقله فقط أو بدفع يسير يقوي عليه الرحم، فلا بد من الاستعانة بعصر هذا العضل ليشتد ذلك الدفع فيسهل خروج الجنين.
وثانيتها: لأن هذه العضلات تدعم الحجاب عند إخراج النفس وهو المراد بالنفخ، وذلك عند الانقباض، وذلك لأن هذه العضلات إذا انقبضت حينئذٍ أعانت الحجاب على انقباض الصدر، ودعمته أي قوته على هذه الحركة. وإنما احتيج إلى ذلك لأن تحريك الصدر عسر بسبب وثاقة مفاصل عظامه، وإنما احتيج إلى هذه المعونة في الانقباض دون الانبساط لأن عضلات انقباض الصدر أقل من عضلات انبساطه على ما بيناه هناك.
وثالثتها: إن هذه العضلات تسخن المعدة والأمعاء بإدفائها. وإنما احتيج إلى ذلك لأن المعدة مع كونها مطبخ الغذاء يكون الغذاء فيها مجتمعاً فيكون انفعاله عسراً ومع ذلك فإنها تحتاج أن تكون كثيرة العصب لأجل شدة حاجتها إلى قوة الحس لأجل الجوع وأن تكون حرارتها غير مفرطة لأن ذلك مانع من الشهوة المقصودة من المعدة. وأما الأمعاء فلأن جرمها عصبي وهي مع ذلك محتاجة إلى قوة الهضم ليكمل هضم ما فات المعدة هضمه.
أقول: ولهذه العضلات منافع أخر: إحداها: أن يكون لجرم البطن ثخانة فيقل تضرر الأحشاء التي فيه من الحر والبرد.
وثانيتها: أن يكون جرم محيط هذا التجويف قوياً فلا تقوى الرياح التي تحدث فيه والامتلاءات المحدودة له على خرقه، ولتكون الأحشاء في ركن وثيق.
وثالثتها: أن يكون البطن مناسباً للصدر في كثرة اللحم عليه، فتكون صورة البدن أحسن. ولا كذلك لو كان بغير تكون هذه العضلات فإنه حينئذٍ كان يكون مهزولاً قحلاً، ويجب أن تكون هذه العضلات ممتدة طولاً وعرضاً وورباً من الجانبين لأن هذا التأليف أو فق في نفسه وأوفق في قوة ضمه لما في داخله، ويجب أن يكون الطول أكثر لحمية لأنه فوق المعدة والأمعاء المحتاج فيهما إلى الإدفاء كما قلناه. ويجب أن يكون العرضي تحت الكل لأنه هو المقاوم لتمديد الأحشاء فيجب أن يكون بالقرب منها، وأن يكون المؤرب أعلى الكل ليكون الطولي ملاقياً للعرضي فيكون مقوياً له شديد الحفظ لو ضعه، وإنما كان هذا في الطولي أكثر من المؤرب لأن المؤرب لا ينافي ميل أجزاء العرضي إلى فوق وأسفل منافاة كثيرة بخلاف الطولي. ويجب أن تكون هذه العضلات عند المقاطع أقل لحمية لئلا يكون لذلك الموضع نتوء مستقبح. والله ولي التوفيق. ===============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثاني والعشرون 
////////////////////
الفصل الثاني والعشرون
تشريح عضل الأنثيين
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما للرجال....إلى آخر الفصل.
الشرح أما للرجال ففائدة هذه العضلات فيهم أربع فوائد: إحداها: أن يتعلق بها الأنثييان، وإنما لم يتعلق بأجسام غشائية ونحوها لأن الغشاء بارد وضار بالمني، ولا كذلك العضلات فإنها نافعة في توليده، وتمام نضجه بإسخانها للأنثيين بما فيها من اللحمية، ويمكن أن نجعل هذا منفعة أخرى والانتفاع بهذا المتعلق غير موجود للنساء.
وثانيتها: أن تكون هذه العضلات وقاية للأنثيين من البرد والحر ونحوهما، وهذا أيضاً غير محتاج إليه في النساء.
وثالثتها: أن هذه العضلات تعين على خروج المني بعصرها للأنثيين عند وقت الحاجة إلى الإنزال، وهذا موجود للنساء أيضاً.
ورابعتها: أن يكون للأنثيين حركة إرادية ليكون عند الإنزال على الموضع الذي يسهل ذلك معه، وهذا لا يحتاج إليه في النساء فإن لهن أنثييهن مدفونة فلا يعرض لهما من الأوضاع ما يخرجهما عن الوضع الموافق لخروج المني.
وأما السبب في بروز أنثيي الرجال، واندفانهما في النساء فقد بيناه أو لاً. وهو أنه لو لا ذلك لما أمكن النسل لأن تولد الجنين إنما يتم إذا كان حصول المنيين في الرحم في أو قات متقاربة جداً، وإنما يمكن ذلك بأن يكون الحال كما هو في الواقع وذلك لأن مني الرجال سريع الحركة، ومني المرأة قليل الحرارة بطيء الحركة، ولولا اندفان أنثييها لكان إنزالها بطيء جداً، ولولا بروز أنثثي الرجال لكان إنزالهم يسرع جداً، فلا يتفق الإنزالان في وقت واحد ولا في وقتين متقاربين فكان يتعذر الإحبال. والله ولي التوفيق. =========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثالث والعشرون 
////////////////////
الفصل الثالث والعشرون
تشريح عضل المثانة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وعلى فم المثانة... إلى آخر الفصل.
الشرح عبارة الكتاب في هذا ظاهرة، ولكن ها هنا بحث وهو أنه ما السبب في جعل خروج البول والبراز إرادياً?
وسبب ذلك أن خروجهما مستقذر لأجل كراهيتهما، فلو كان بالطبع لم يؤمن خروجهما في وقت أو حال يفتح ذلك فيهما، ولا كذلك العرق والوسخ ونحوهما.
وأما المني، فإن خروجه وإن كان طبيعياً فهو موقوف على الأكثر على أمر إرادي وهو فعل ما يوجبه كالجماع ونحوه.
وهذه العضلة لحمية وأكثرها في اسفل العنق لأن الأجزاء العالية بطبعها تهبط إلى أسفل، فيكتفي فيها بشيء يسير من انضمام وبالعكس من ذلك الأجزاء السافلة، وهذه العضلة مع منعها خروج البول بغير إرادة فهي أيضاً تعين على خروج ما يمر بها منه بعصره. والله ولي التوفيق. ==========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الرابع والعشرون 
 الفصل الرابع والعشرون
تشريح عضل القضيب
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العضل المحرك... إلى آخر الفصل.
الشرح إن خروج المني لم يجعل طبيعياً صرفاً، وإلا لم يمكن خروجه مرتبطاً بحال اجتماع الذكر والأنثى للإحبال، ولم يجعل أيضاً إرادياً صرفاً، وإلا كان الإنسان وغيره من الحيوانات يستكثر الجماع فوق حاجته لأجل التلذذ فيضر به، ولا كذلك البراز والبول ونحوهما فإن خروجهما غير ملذ لذة خروج المني. فلذلك جعل خروج المني متوقفاً على الأمرين. ولكل واحد منهما إعانة على تحقيق الآخر. فلولا توقفه على الأمر الطبيعي لأمكن الاستكثار منه بأي قدر أريد وفي أي سن أريد. ولولا توقفه على الإرادة لكان يكثر خروجه في غير الوقت المراد فيه الجماع ولولا أن الأمر الطبيعي محرك للإرادة لما كان المني يقل في المعرض عن الجماع ويكثر في المكثر من استعماله.
وهذا التوقف على الأمرين غير مختص بخروج المني إذ الجماع نفسه كذلك وتهيؤ الآلة له أيضاً بالانتصاب فلذلك افتقر إلى أن يكون تحريك هذه الآلة موقوفاً على عضل يحركها. وهذا العضل مع أنه يعين على نصب هذه الآلة، فإنه يوسع مجرى المني بجذبه ظاهر القضيب إلى جوانبه. لأن المجوف إذا انجذب محيطه من جوانبه اتسع تجويفه لا محالة، ولما لم يكن انتصاب هذه الآلة إرادياً صرفاً لا جرم كانت هذه العضلات غير كافية فيه معها إلى ريح ناقحة تسوقها روح شهو أنية يصحبها دم ليغذوها، فلأجل هذه الريح يغلظ القضيب عند الانتصاب. ولأجل هذه الروح يسخن، ولأجل هذا الدم يحمر ويزرق.
قوله: فإذا تمددتا يريد بهذا التمدد التشنج خاصةً. والله ولي التوفيق. ==============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الخامس والعشرون 
///////////////////////
الفصل الخامس والعشرون
تشريح عضل المقعدة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه عضل المقعدة أربع... إلى آخر الفصل.
الشرح قد بينا أن خروج البراز والبول يجب يكون إرادياً فلذلك يحتاج فيهما إلى عضلات. وكلاهما إنما يحصل بخروج الخارج باسترخاء العضل الذي له، ولكن يختلفان، وذلك لأن البول اكتفى فيه بعضلة واحدة، فاحتيج في البراز إلى عضلات، وذلك أن المراد بهذه العضلات هو حبس الفضلة عن الخروج في غير الوقت المراد خروجها فيه، وذلك يكفي في البول أن تكون عضلة واحدة، لأن مجراه إلى فوق الوعاء الذي له وهو المثانة. ومع ذلك غير شديد التمديد لمجراه لرقته، وقلة ثقله.
وأما البراز فمجراه إلى أسفل، وغاية الذي هو المعاء المستقيم ومع ذلك فهو كثير الثقل، شديد التمديد للمجرى بالغلظ والثقل، فلذلك احتيج في حبسه إلى عضلات كثيرة، وإنما يمكن خروجه باسترخائها بأسرها، فإن قيل: ولم خلق مجرى البول إلى فوق المثانة مع أن ذلك أعسر لخروجه? قلنا: سبب ذلك لأن فم هذا المجرى لا بد وأن يكون حساساً حتى يتألم بحدة البول فيخرج إلى إرادة دفعه، فلو كان في أسفل المثانة لكان يحصل هذا الألم من أدنى بول يحصل في المثانة، فكان الإنسان يحتاج إلى دفع البول قليلاً قليلاً في أو قات متقاربة. وكان الحال يكون كما يكون لأصحاب تقطير البول ولا شك أن ذلك رديء شاغل. وإنما لم يخلق مخرج البراز إلى فوق أيضاً كما للبول وذلك لأمور: أحدها: إن إصعاد الثقيل عسر، فكان يكون خروج البراز عسراً وخاصة إذا كان قد غلظ وجف.
وثانيهما: أن جرم المعاء الذي كان يجتمع فيه البراز كان يعرض له فساد لأجل إفراط حدة البراز، وإنما كان أكثر حدة من البول لما يخالطه من المرار الكثير الذي يندفع إليه من المرارة، ولأجل عفنه لطول احتباسه في تجاويف الأمعاء إلى أن تستوفي من ذلك الجداول مصبها.
وثالثها: أن البراز يندفع إلى المعاء المستقيم جملة لما نذكره من السبب في موضعه فلا تفتقر إلى إبقائه فيه مدة لتجتمع، ولا كذلك البول فإنه إنما يندفع إلى المثانة قليلاً قليلاً على قدر ما ينفصل منه من الكليتين فلو احتيج إلى إخراج كل قذر يحصل من المثانة عند أو ل حصوله لعرض من ذلك تقطير البول كما قلناه.
وهذه العضلات التي في المقعدة أعني الدبر. وهي طرف المعاء المستقيم ويسمى المخرج والسرم، وعددها أربع: إحداها: عضلة لحمية شديدة المخالطة لجلد هذا العضو حتى يجوز تسمية هذا الموضع لحماً جلدياً، ويجوز تسميته جلداً لحمياً. وأكثر جرم هذه العضلة في الأجزاء القدامية من هذا العضو، وإنما خلقت كذلك ليتمكن من عصر طرف هذا العضو عند إخراج الثقل، فيسهل اندفاع ما تبقى في طرفه منه.
وثانيها: عضلة مستديرة فوق هذه بالنسبة إلى طول البدن تحيط بالدبر عرضاً لأجل ضمه إذا تشنجت وتماس في وسطها عظم العصعص وينتهي إلى أصل القضيب، وفائدة ذلك أن يضيق هذا المخرج عند انتصاب القضيب بسبب انجذاب ليف هذه العضلة لانجذاب ما يتصل بالقضيب لأجل زيادة طوله وتمده، وفائدة ذلك أن يكون هذا المخرج عند الجماع شديد الضيق لئلا يخرج ما في المعاء المتصل به من البراز حينئذٍ. وذلك لأن إفراط اللذة يلزمه إفراط تحلل الروح كما عرف من كلامنا السالف ويلزم ذلك ضعف البول، وحصول حالة كالغشي، وهذا يظهر في الجماع كثيراً. لأنه مع إفراط لذته يلزمه استفراغ المني، وهو مضعف بما يلزمه من خروج أرواح كثيرة، فإذا عرض ذلك استرخى البدن، وجميع عضلاته، وإذا استرخت هذه العضلة يتهيأ البراز للخروج فلو لم يكن ليفها حينئذٍ منجذباً بسبب انتصاب القضيب لكان خروج البراز عند الجماع يعرض لأكثر الناس.
ولا شك أن هذا مستقذر ولهذا فإن من يكون شبقه شديداً، وهذه العضلة منه رخوة، فإن ما يعرض له عند الجماع أن يلقي زبله.
وأما العضلتان الباقيتان فهما غشائيتان تنشآن من الأجزاء الداخلة من عظم العانة، ومن عظم الفخذ، ويلتحمان من كل جانب عضلة، ويأخذان على تأريب فائدتهما إقلال المقعدة إلى فوق فلذلك تبرز المقعدة عند استرخائها. وإنما احتيج في هذا الغرض إلى عضلتين، لأن رفع العضو إلى فوق أعسر. والله ولي التوفيق. ===========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السادس والعشرون  
///////////////////
الفصل السادس والعشرون
تشريح عضل حركة الفخذ
والكلام في هذا الفصل يشتمل على مباحث: البحث الأول كلام كلي في عضل حركة الفخذ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أعظم عضل الفخذ... إلى قوله: والعضل الباسطة لمفصل الفخذ منها عضلة.
الشرح لما كانت العضلات الباسطة للفخذ إنما يتم فعلها عند القيام بإشالة جميع الأعضاء إلى فوق الفخذ، وذلك هو حمل البدن ، والقابضة له إنما يتم فعلها بحمل الساق والقدم وجب أن تكون هاتان الحركتان بقوة أقوى من الحركات التي لا يلزمها ذلك كالمبعدة للفخذ والمقربة له.
ولما كان جوهر هذه العضلات متساوياً في اللحمية، فإنما يزيد قوة بعضها على بعض إذا كانت مختلفة المقادير فتكون الكبرى أقوى من الصغرى فلذلك كان عضل الفخذ المحرك له هاتين الحركتين أعظم من العضلات المحركة له باقي الحركات ووجب أن تكون الباسطة أعظم من القابضة لأن تحريك الأعضاء العالية كلها أعسر من تحريك الساق والقدم. ونحن نتكلم في كل واحد من أنواع هذه العضلات في بحث يخصه أن شاء الله عز وجل. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضلات الباسطة للفخذ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والعضل الباسطة لمفصل الفخذ منها عضلة... إلى قوله: وأما العضل القابضة لمفصل الفخذ فمنها عضلة تقبض.
الشرح قوله منها عضلة هي أعظم جميع عضل البدن سبب زيادة عظم هذه أن المتحرك بها أعظم من المتحرك بكل واحدة من عضلات البدن، لأن هذه يلزم تحريكها لعظم الفخذ تحريك جميع الأعضاء التي فوقه وليس كذلك عضلات باقي الأعضاء.
قوله: وتجلل عظم العانة والورك، وتلتف على الفخذ كله من داخل ومن خلف سبب ذلك أمران: أحدها: أنها لقوة فعلها تحتاج أن تكون تشبثها بأجزاء كبيرة جداً.
وثانيهما: أن فعلها متفنن ، فتحتاج إلى تفنن وضع ليفها وجهات مبدئه ومنتهاه، وهذه تجلل جميع عظم العانة، وأما عظم الورك فإنها تحتوي على أسفله وجنبيه على أن يبلغ الموضع المعرى من اللحم.
قوله: فلأن بعض ليفها منشؤه من أسفل عظم العانة فينبسط مائلاً إلى الأنسي.
سبب ذلك أن هذا الليف يمتد في أنسي عظم الفخذ في خلقه فبانجذاب الأجزاء الخلفية ينجذب هذا العظم إلى خلف، ويلزم ذلك أن ينبسط لأن انقباضه يكون بتحركة إلى قدام، وانجذابه، وبانجذاب الأجزاء الأنسية يميل هذا العظم إلى الجانب الأنسي. وأما الليف الذي منشؤه من عظم الورك، فإنه يذهب في خلف هذا العظم فلذلك إذا تشنج جذبه إلى خلف جذباً مستوياً، فيبسطه بسطاً مستوياً.
وأما ما منشؤه المواضع التي هي من هذين الموضعين فما كان منها من المواضع العالية جداً، فإنه إذا تشنج جذب هذا العظم إلى خلف جذباً قوياً رافعاً إياه إلى فوق لأن كثرة ارتفاع مبدئه ويلزم ذلك أيضاً أن تجذبه إلى الجهة الأنسية فيقربه من الفخذ الأخرى، وذلك بسبب ما يتشنج حينئذ من الأجزاء الأنسية من الليف.
وأما ما كان من المواضع العالية علواً يسيراً فالذي نعرفه من كلام فضلاء المشرحين أنه إذا تشنج جذب هذا العظم إلى الجانب الأنسي فقط.
والذي قاله الشيخ أنه حينئذ يشيل الفخذ إلى فوق فقط أي أنه لا يميله مع ذلك إلى الجانب الأنسي وبين الكلامين تناقض. وما قاله الشيخ موافق لكتاب الجوامع.
وطريقة تعرف الحق في هذا أن يوقف على موضع توزع هذا الليف. فإن كان يتوزع في المواضع الأنسية من هذا العظم فلا شك أن تشنجه إنما يحرك الفخذ إلى الجهة الأنسية فقط، فإن كان يتوزع في المواضع التي خلف هذا العظم، فلا شك أن تشنجه يحرك الفخذ إلى فوق، ولا يقتصر على بسطه لأنه يجذبه إلى ما هو أعلى موضعاً من الباسط.
قوله: ومنها عضلة تجلل مفصل الورك كله من خلف هذه العضلة يمكن أن تعد واحدة. ويمكن أن تعد اثنتين: إحداهما: لحمية ذات رأسين.
والأخرى: غشائية الرأس، ويمكن أيضاً أن تعد اثنتين بوجه آخر، وهو بسبب أن لها طرفين فيجعل كل طرف كعضلة. والأول عندي أولى، لأن التكثير بسبب اختلاف الجوهر أولى من التكثير بسبب تكثير الأطراف.
ويمكن أن تعد ثلاث عضلات بعدد الرؤوس إذ لها ثلاثة رؤوس، وهذه العضلة منبسطة مستبطنة للجلد تشاكل العضلة التي تحتوي على معظم لحم الكتف مع أنها تجلل هذا المفصل من خلف فتملأ ما يكون هناك من الحفر لحماً. ويحتبس ويجود سطحه الظاهر وأكبر رأسيها اللحمين ينشأ من ظهر عظم الخاصرة الشاخص. وأصغرهما ينشأ من عظم الورك، وعظم العصعص والرأس العالي ينشأ مما بين هذين الموضعين وأعلى منهما.
وأما ذهاب ليف هذه العضلة فإنه: أو لاً يستدير على رأس الفخذ من خلف فإذا جاوز ذلك قليلاً امتد وانتهى إلى وتر عريض ينزل على الاستقامة وتلتحم بها العضلة التي وترها لحمي، وهي الملتحمة بالأجزاء الوحشية من الساق وسنذكرها في موضعها.
قوله: وأما الطرفان فيتصلان بالجزء المؤخر من رأس الفخذ، فإن جذبت بطرف واحد بسطت مع ميل إليه، وإن جذبت بالطرفين بسطت على الاستقامة.
هكذا قيل في الجوامع، وسبب ذلك أن كل واحد من الطرفين مائل إلى أحد الجانبين، فإذا كان الجذب به وحده، مال المجذوب إلى جهته لا محالة، وإن كان بهما معاً كان كل واحد منهما مبطلاً لميل الآخر، فيكون بسط الفخذ مستوياً.
قوله: ومنها عضلة منشؤها من جميع ظاهر عظم الخاصرة هذه العضلة موضوعة تحت العضلة التي تقدم ذكرها ومنشؤها من أكبر الأجزاء الوحشية من عظم الخاصرة ومن الأجزاء المنخفضة من عظم العجز إلى أن يبلغ العصعص، وتمتد صاعدة ناحية القطن، وتلتحم هناك بالجلد حيث الرأس العالي الذي ذكرناه للعضلة التي فوقها، وتنتهي إلى وتر عريض قوي يلتحم بجميع رأس الزائدة الوحشية من الزائدتين اللتين ذكرناهما في تشريح عظم الفخذ وهما من عند العنق الذي يتصل به الرأس الداخل في حق الورك وفعلها أنها تبسط الفخذ مميلة لرأسه إلى الجانب الوحشي وذلك لأن اتصالها بعظم الفخذ ما بين خلفيه ووحشيه، فإذا تشنجت جذبت ما يتصل به من وراء هذا العظم إلى جهة مبدئها.
وأما قول الشيخ إنها تبسط مع ميل إلى الأنسي فمما لست أفهمه.
قوله: وأخرى مثلها وتتصل أو لاً بأسفل الزائدة الصغرى الذي نعرفه من هذه العضلة أنها تنشأ من الأجزاء الوحشية السفلية من عظم الخاصرة، وأنها تتصل بالجزء الأسفل من الزائدة الوحشية، وهي الزائدة العظمى فإن فعلها بسط الفخذ يسيراً وتمييله إلى الوحشي كثيراً.
قوله: ومنها عضلة تنبت من أسفل عظم الورك. هذه العضلة لها فعلان أحدهما بالذات وهو الفعل الذي ذكره، وهو أنها تبسط وتزيد في بسطه، إلى أن تميله إلى خلف يسيراً، وتميله إلى الأنسي إمالة صالحة، وإنما تفعل ذلك لأن ليفها يذهب إلى خلف الفخذ إلى أنسيه فإذا تشنجت جذبت هذين الجزأين ويلزم ذلك الحركة المذكورة.
وثانيهما: بالعرض، وهو أنها تميل الساق إلى الأنسي، وذلك لأنها تتصل بالعضلة التي تأتي بطن الساق، ولهذا السبب إذا تشنجت انجذبت تلك العضلة بفعل ما يفعله لو تشنجت هي، وقد بقي من العضلة الباسطة للفخذ عضلة أخرى، وهي عضلة تنشأ من عظم العجز، وتتصل بالزائدة الوحشية التي عند عنق عظم الفخذ واتصالها بها من جميع أجزائها التي من خلف، وفعلها بسط الفخذ بسطاً يسيراً وتميله إلى الأنسي ميلاً كثيراً. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث العضلات القابضة للفخذ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل القابضة لمفصل الفخذ... إلى قوله: وأما العضل المميلة إلى داخل فقد ذكر.
الشرح العضل الظاهر القابض للفخذ هو العضلتان الأوليان من هذه الأربع. وأما الأخريان فهما خفيتان ليس توجدان تجدان دائماً، بل قد توجد واحدة منهما متصلة بالعضلة الثانية من الظاهرتين، وقد توجدان معاً، وهما متصلتان بهما؛ وقد تتصل بها ثلاث عضلات فلذلك يختلف عدد العضلات القابضة للفخذ، وكيف كانت فهي أقل من الباسطة وسبب ذلك ما بيناه أو لاً. وهو أن الباسطة تحتاج في فعلها إلى تحريك جملة الأعضاء التي فوق الفخذ فلذلك خلقت عظيمة كبيرة العدد، ولا كذلك القابضة والعضلة الثانية من هاتين الظاهرتين لو نها إلى الخضرة. وأنت قد عرفت من هيئة هذه العضلات فائدة الزوائد التي على عظم الفخذ وهي تعلق هذه العضلات بها. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع باقي عضلات الفخذ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل المميلة إلى داخل فقد ذكر... إلى آخر الفصل.
الشرح العضلات المميلة للفخذ إلى أحد الجانبين أعني الوحشي والأنسي أكثر من المديرة له، وسبب ذلك كثرة حاجة الإنسان إلى تمييل فخذه، وقلة حاجته إلى إدارته، والناشئة من المديرتين من الجانب الوحشي تديره إلى خلف، وإلى الأنسي والناشئة من الجانب الأنسي تديره إلى قدام، وإلى الجانب الوحشي. والله ولي التوفيق. ==========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السابع والعشرون 
////////////////////////////
الفصل السابع والعشرون
تشريح عضل حركة الساق والركبة
والكلام في هذا الفصل يشتمل على بحثين: البحث الأول العضلات الباسطة للساق قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما العضل المحركة لمفصل... إلى قوله: وأما القوابض للساق فمنها عضلة ضيقة طويلة.
الشرح قوله: وهي أكبر العضل الموضوع في الفخذ يريد أنها أكبر الموضوعة في الفخذ التي لأجل حركة غيره، إذ العضلة العظيمة الباسطة للفخذ التي ذكرنا أنها تلتف على الفخذ من داخل ومن خلف أعظم من هذه الثلاث بكثير، وإنما كانت هذه الثلاث أعظم من تلك الثلاث لأنها تحتاج فيها إلى قوة قوية جداً لأنها تدعم الرضفة وتقوي ارتباطها وتمنع زوالها، وإنما يقوى على ذلك إذا كانت مقاومته لثقل البدن عند الجثو وإنما تكون.
قوله: وفعلها البسط إنما كان كذلك لأن هذه العضلة إذا تشنجت جذبت الساق إلى قدام. ويلزم ذلك انبساطه لأن الإنسان يثني رجله بتحريكها إلى خلف ويبسطها بتحريكها إلى قدام. وهذا الإنسان خاصة مما هو ذو رجلين.
قوله: وواحدة من هذه كالمضاعفة.
قال جالينوس: إني لا أعتقد أن هذه عضلة واحدة، ولكني إنما أقول بذلك كراهة مخالفة الذين أسن مني إذ التضعيف فيها ظاهر بيّن. وهذه العضلة تحت العضلتين الأخريين من هذه الثلاث متوارية بهما وهي تلتحم بالرضفة وبالرباطات التي حول المفصل وتنتهي في المواضع التي من قدام إلى طرف لحمي، وفي الموضع الأنسي إلى طرف غشائي.
وأما العضلتان الأخريان فهما فوق تلك العضلة وتحت الجلد. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضلات القابضة للساق قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما القوابض للساق فمنها عضلة... إلى آخر الفصل.
الشرح
قوله: وينفذ بالتوريب إلى داخل طرفي الركبة هذه العضلة تمر في الأجزاء الأنسية من الفخذ ثم تتورب صاعدة إلى مقدم الساق نافذة في داخل الركبة، فتمر بطرفيها أعني الطرف الأنسي والطرف الأسفل.
قوله: ثم تبرز وتنتهي إلى النتوء الذي في الموضع المعرق من الركبة. هذا الموضع هو الموضع الثاني في أو ل مقدم الساق العاري من اللحم تحت الركبة.
قوله: مائلة بالقدم إلى ناحية الأربية، يريد بالأربية التي من جهة الرجل الأخرى، وهذه الحركة كما يكون الإنسان عند تحريك رجليه بحيث تكون قدميه على فخذ الرجل الأخرى. وألفاظ الكتاب ظاهرة. والله ولي التوفيق. =============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثامن والعشرون   
////////////////////////////////
الفصل الثامن والعشرون
تشريح عضل مفصل القدم
فال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل المحركة... إلى آخر الفصل.
الشرح قد يحتاج الإنسان تارة إلى رفع قدمه وذلك كما عند المشي صاعداً، وكما إذا أراد المشي أو القيام على عقبيه، وكذلك قد يحتاج إلى خفض قدمه، كما إذا أراد القيام أو المشي على أصابعه ليطول إلى شيء عال.
وكذلك قد يحتاج إلى بسط قدمه. وذلك إذا أراد الإحاطة والتشكل بالهيئة الصالحة للموطؤ عليه، إذا كان له نتوء في موضع أو مواضع ليكون الثبات على الموضع الموطؤ عليه أحكم. وإنما يمكن ذلك بعضلات تفعل هذه الحركات، ويجب أن تكون الرافعة للقدم في مقدم الساق، حتى إذا تشنجت جذبت القدم إلى مقاربة موضعها فارتفع لا محالة.
وقد كان يكفي في ذلك عضلة واحدة، ولكن لو فعل ذلك لكان اتصال تلك العضلة إما أن يكون بجانب القدم فلا يكون ارتفاعها مستوياً أو بواسطة فيكون عند الارتفاع متقلقلاً مائلاً للحركة إلى الجانبين فلا بد وأن يكون بعضلتين كل واحدة منها تتصل به إلى جانب فإذا تشنجت إحداهما وحدها ارتفع القدم مائلاً إلى جهتها، وإذا تشنجتا معاً ارتفع القدم مستقيماً وكان استواؤه حينئذٍ محكماً لأن كل واحدة من العضلتين تكون حينئذٍ مانعة من ميله إلى جهة العضلة الأخرى.
وأما العضلات الخافضة فيجب أن تكون أعظم مقداراً من الرافعة وأكثر عدداً لأن خفض القدم عند القيام أو المشي إنما يتم برفع جميع البدن، وذلك إنما يكون بعضلات شديدة القوة، قوية الأوتار جداً، ولا بد وأن تكون موضوعة في مؤخر الساق حتى إذا تشنجت جذبت ما يتصل به من القدم وهو مؤخره، أو ما يقرب من مؤخره جذباً إلى فوق فينخفض مقدمه بالضرورة. والزوج الذي ينشأ من رأس الفخذ ينشأ من مؤخر ذلك الرأس.
وأما العضلة الثالثة التي تتصل بالعقب فهي موضوعة تحت هذا الزوج.
وقول الشيخ: إن التصاقها بالعقب فوق التي قبلها. يريد أن ذلك فوق التصاق الوتر النابت من الزوج الذي تقدم ذكره، ومعنى قوله أنه فوقه بالنسبة إلى طول البدن، ولا ينافي ذلك أن يكون تحته بمعنى أنه أبعد منه عن الجلد وأقرب إلى العظم.
وقد قال جالينوس: إن لو ن هذه العضلة أسمانجوني وأما الوتر الذي ينفرش تحت القدم فانفراشه وتعريضه إنما يكون بعد مروره بأسفل العقب. والعضلة التي ينشأ منها هذا الوتر صغيرة بقدر ثلث واحد من الزوج الذي يصير منه الوتر العظيم، وبقدر ثلثي العضلة الأسما نجونية، إذ تلك بقدر نصف واحد من الزوج، والفردان من الزوج متساويان. والله ولي التوفيق. =============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل التاسع والعشرون 
///////////////////////////
الفصل التاسع والعشرون
تشريح عضل أصابع الرجل
والكلام في هذا الفصل يشتمل على بحثين: البحث الأول العضلات القابضة لأصابع الرجل الموضوعة خلف الساق قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما العضل المحركة للأصابع فالقوابض... إلى قوله: وأما اللواتي وضعها في كف الرجل فمنها عضل عشر.
الشرح إن أصابع رجل الإنسان تحتاج أن تكون لها حركة انقباض وانبساط، وميل إلى جهة الخنصر، وميل إلى جهة الإبهام. وذلك ليحسن تشكلها بشكل الموطؤ عليه وإمساكها له، فيكون الثبات والمشي أجود وأحكم، وحاجتها إلى الانقباض أشد لأن معظم الإمساك على الموطؤ به تكون بهذه الحركة وينبغي أن تكون هذه الحركة فيها أقوى من غيرها، لأن بها يكون إمساك الموطؤ عليه فلذلك احتاجت إلى عضلات كثيرة، وهذه العضلات بعضها موضوع على القدم نفسها كالحال كان في اليد، والموضوعة منها على الساق يجب أن تكون موضوعة في خلفه لتمر إلى أسفل القدم. وتحت الأصابع عند تشنجها لتمر إلى هناك تمتد فتنقبض.
وهذه العضلات ثلاث: إحداها: عظيمة تمتد على القصبة الوحشية من أو لها إلى آخرها ومبدؤها المواضع التي فوق الرأس العالي من هذه القصبة، وتنتهي إلى وتر قوي يجوز فيما بين أسفل الساق وبين عظم العقب، ويتصل بالأصبع الوسطى والبنصر.
وثانيتها: عضلة بقدر نصف الأولى تبتدئ من المواضع التي أسفل رأس الساق، وينفذ وترها مع وتر الأولى فيما بين أسفل الساق وعظم العقب، ويتصل بالأصبع الخنصر والسبابة، وتتشعب من هذا الوتر ومن وتر الأولى وتر يأتي الإبهام.
هذا هو المفهوم من كلام جالينوس فلذلك قول الشيخ: ثم يتشعب من كل واحد من القسمين وتر ينبغي أن يكون المراد من القسمين لا قسمي وتر الثانية بل وتر الأولى ووتر الثانية.
وثالثتهما: عضلة يظن أنها جزء من الثانية، وهذه العضلة تبتدئ من عند رأس القصبة الوحشية، أعني الرأس العالي، وذلك حيث تضام القصبة الأنسية، وتمتد ملتحمة بكل واحدة من القصبتين آخذة بينهما. ووترها ظاهر بين للجس قبل وصوله إلى الكوع، ويشده عند العقب رباط قوي يمر عرضاً يربط العقب بالساق، وهذا الوتر من هناك ينفرد من هناك إلى قدام. ويتوكأ على موضع منخفض قليلاً عند موضع اتصال الساق بالقدم، ثم ينزل إلى أسفل القدم، ويلتحم أكثر بالرسغ ويجذب القدم إلى خلف مميلاً له الجهة الأنسية، وباقي هذا الوتر يأتي الإبهام. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضلات المحركة لأصابع الرجل الموضوعة على القدم قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما اللواتي وضعها في كف الرجل... إلى آخر الفصل.
الشرح إن القدم مشتملة على ست وعشرين عضلة: خمس منهن في أعلاه شأنها تمييل الأصابع إلى جهة الخنصر، وإحدى وعشرون في أسفله سبع منهن موضوعة في مشط القدم.
فالسبعة الموضوعة في مشط الكف، ولمثل فعلها خمس من هذه السبعة، لكل أصبع واحدة تميلها إلى جهة الإبهام واثنتان للإبهام والخنصر كما في الكف وأربع كل واحدة لقبض المفصل الأول من أصبع موضوعة أيضاً على الرسغ، وعشر عضلات كل اثنتين لقبض المفصل الأول من أصبع، وكل زوج لأصبع؛ فموضعه عن جنبي المفصل، فلذلك جملة عضلات البدن كلها خمس ماية وتسع وعشرون عضلة، وتفصيلها تعرفه مما قلناه في كتابنا الذي نعمله في الطب مع استقصاء الكلام في هيئات العضلات ومنافعها، وأوتارها، ومبادئها. وكذلك نستقصي هناك الكلام في جميع فن التشريح كما ينبغي، فإن كلامنا فيه، في هذا الكتاب أكثره موجز. والله ولي التوفيق. ==========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة 
//////////////////////
الجملة الثالثة
العصب
وهي ستة فصول ==============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الأول   
///////////////////////
الفصل الأول من الجملة الثانية من التعليم الخامس
قول في العصب خاص
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الشرح أما حقيقة العضلة وأجزاؤها التي هي العصب والرباط واللحم وما يتصل بها، وهو الوتر فقد عرف مما سلف، وعرفت من كلامه في تشريح العضل مبادئ رباط كل عضل ولحمة.
وأما الأعصاب فلم يعرف ذلك فيها. ولذلك نتكلم فيها بعد الكلام في تشريح العضل. والأعصاب تنقسم بوجوه من التقاسيم: أحدها: باعتبار هيئتها. فإن من الأعصاب ما فيه تجويف ظاهر، وهو العصبتين الآتيتين إلى العينين، ومنها ما ليس كذلك كما في الأعصاب.
وثانيها: باعتبار قوامها، فإن من الأعصاب، ما هو شديد اللين كأعصاب الحس، وخصوصاً منها ما كان في مقدم الدماغ كأعصاب حس العينين. ومنها ما ليس كذلك كأعصاب الحركة، وخصوصاً ما كان منها ناشئاً من أسافل النخاع.
وثالثها: باعتبار حجمها فإن من الأعصاب ما هي غليظة جداً كالأعصاب الآتية إلى العينين. ومنها ما هو دقيق جداً كالأعصاب الآتية الناشئة من الفقرة الأولى من فقار العنق. ومنها ما ليس كذلك كبقية الأعصاب.
ورابعها: باعتبار ما يفيده من القوة، فإن من الأعصاب ما تفيده قوة الحس فقط، كأعصاب الذوق والسمع ونحو ذلك. ومنها ما يفيد قوة الحركة فقط، كالعصب المحرك للسان ومنها ما يفيد الأمرين في عضلات اليدين والرجلين ونحوهما.
وخامسها: باعتبار الأعضاء التي تأتي إليها فإن من الأعصاب ما يأتي الأحشاء فقط، كأكثر أعصاب الدماغ، ومنها ما يأتي الأعضاء الظاهرة فقط كأكثر أعصاب النخاع.
وسادسها: باعتبار ما يتكون منها، فإن من الأعصاب ما لا يتكون منه عضو آخر كالأعصاب المفيدة للسمع والذوق ومنها ما يتكون منها شيء آخر، وذلك إما غشاء كالأعصاب الآتية إلى الأحشاء. وإما طبقة كالأعصاب التي تنفذ فيها قوة البصر، وإما عضل كأكثر أعصاب النخاع.
وسابعها: باعتبار مبادئها، فإن الأعصاب منها دماغية، ومنها نخاعية. والدماغية منها ما هي من مقدم الدماغ، ومنها ما ليس كذلك.
والنخاعية منها ما هي عنقية، ومنها ما هي صدرية، ومنها ما هي قطنية. ومنها غير ذلك كالناشئة من العجز والعصعص. وقد يمكن تقسيمها باعتبارات أخرى كثيرة. وفيما ذكرناه ها هنا كفاية، ولنتكلم الآن في منفعة الأعصاب. والله ولي التوفيق.
منفعة العصب
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه منفعة العصب منها ما هو... إلى آخر الفصل.
الشرح قوله: منها ما هو بالذات ومنها ما هو بالعرض، يريد بالتي بالذات ما تكون مقصودة من خلقة العصب أو لاً. وبالتي بالعرض ما خلقه العصب لا لأجلها بل لشيء آخر فاتفق أن أفاد ذلك النفع وخلقة الأعصاب إنما هي لأجل إفادة الأعضاء الحس والحركة. وإنما كان كذلك لأن الدماغ كما عرف مبدأ لقوة الحس والحركة إما بذاته كما هو مذهب الأطباء أو بتوسط القلب كما هو مذهب كثير من الفلاسفة وكيف كان فإن الروح إنما يمكن من صدور أفعال الحس والحركة عنها بعد أن تحصل في الدماغ وإنما يمكن استفادة الأعضاء منها ذلك بعد نفوذها إليها من الدماغ. فلا بد من آلة تصلح لنفوذها فيها، وهذه الآلة لا بد وأن تكون لينة ليكون مع كونها عسرة الانقطاع سهلة الانعطاف والانثناء بحسب ما يوجبه وضع الأعضاء. ولا بد وأن تكون مستحصفة الظاهر لتمنع من تحلل ما ينفذ فيها من الروح ولا بد وأن تكون متخلخلة الباطن ليتسع لجرم الروح، ولا بد وأن تكون باردة المزاج لتكون على مزاج العضو المصلح لمزاج الروح النافذة فيها وهو الدماغ، فلا يعرض للروح تغير عن المزاج الذي به تصلح لصدور أفعال الحس والحركة، ولا بد وأن تكون إلى يبوسة، وإلا لم تكن أرضيتها كبيرة فلم يمكن بأن تكون عسرة الانقطاع ولا بد وأن تكون هذه اليبوسة يسيرة، وذلك لأمرين: أحدهما: لئلا يفسد مزاج الروح لأنها تكون حينئذٍ خارجة عن مزاج الدماغ خروجاً كبيراً.
وثانيهما: ليمكن أن تكون سهلة الانعطاف والانثناء. وهذه الآلة هي الأعصاب فإذا المقصود بالذات من خلقة الأعصاب أن تكون آلة لنفوذ هذه القوى من الدماغ إلى الأعضاء المستفيدة منه أفعالها.
وأما كونها مقوية للبدن واللحم فذلك بما اتفق منها لأنها لقوة جرمها وعسر انقطاعها، إذا انبثت في اللحم جعلته كذلك لأنها عسرة أي جعلته عسر الانفصال بسبب عسر انفصال ما هو منبث فيه، وإذا صار اللحم كذلك صار ظاهر البدن كذلك أيضاً لأنه ظاهر لحمي.
قوله: ومن ذلك الإشعار بما يعرض من الآفات للأعضاء وهذه المنفعة هي منفعة إفادة الدماغ للحس، وذلك لأن هذه الإفادة تكون تارة بأن يجعل العضو نفسه حاساً بذاته، وتارة بأن يجعل ما يحيط به كذلك. فيكون له حس بالعرض فلذلك لا يصلح عند هذه المنفعة من المنافع التي بالعرض.
قوله: على عناية عظيمة تختص بما ينزل من الدماغ إلى الأحشاء بالعصب ها هنا ثلاث مسائل: إحداها: لم اختص العصب الدماغي بالنزول إلى الأحشاء مع أن النخاعي إليها أقرب? وثانيتها: لم اختصت الأحشاء بالعصب الدماغي مع أن حاجة الأعضاء الظاهرة إلى قوة الحس أكثر لأنها هي الملاقية للمؤذيات الواردة على البدن?.
وثالثتها: لم اختصت الأعصاب الواردة إلى الأحشاء بزيادة الوقاية مع أن أعصاب الأعضاء الظاهرة ملاقية لما يرد من المؤذيات فكان وجوب التحرس عليها أولى? الجواب: أما المسألة الأولى فإن الأعصاب الدماغية لما كانت شديدة اللين كانت شديدة القبول للتضرر بالواردات المؤذية، فكان الأولى بها البعد عن ظاهر البدن لثقل ما يرد إليها من المؤذي.
وأما أعضاء الرأس والوجه فلما كانت بمرصد من الحس، وكان العصب النخاعي لو سلك إليها لا فتقر إلى تعريج كبير جعلت أعضاؤها دماغية.
وأما المسألة الثانية: فقد أجاب الشيخ عنها، وذلك لأن هذه الأعصاب لما كانت مع لينها تحتاج إلى قطع مسافة بعيدة احتيج إلى توثيقها وخاصة في المواضع المذكورة ولا كذلك باقي الأعصاب فإنها إما صلبة كالنخاعية أو لينة. ولكنها لا تحتاج إلى مسافة بعيدة كالدماغية التي في الوجه والرأس.
قوله: فما كان المنفعة فيه إفادة الحس أبعد من منبعثه على الاستقامة يريد بذلك أن شأنه يكون كذلك إذا لم يكن هناك سبب آخر يوجب خروجه عن الاستقامة كما في الأعصاب الآتية إلى العينين.
قوله: بل كلما كانت ألين كانت لقوة الحس أشد تأذية ينبغي أن يقال: كان الحس أتم وأكمل، وذلك لأن العصب اللين أشد انفعالاً عن الملاقيات وأسرع انفعالاً، فإذا كان كذلك كان إدراك القوة لانفعاله أسرع وأكثر. وهذا فيما يكون الحس فيه بالملاقاة.
وأما ما ليس كذلك كحس البصر فإنه لا يكون كذلك وأما أن زيادة اللين تقتضي أن يكون تأذية القوة أشد أو أكثر فليس بلازم. والله ولي التوفيق. ===========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الثاني  
///////////////////////////
الفصل الثاني
تشريح العصب الدماغي ومسالكه
والكلام في هذا الفصل يشتمل على سبعة مباحث: البحث الأول تشريح الزوج الأول قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه قد ينبت من الدماغ أزواج... إلى قوله: والزوج الثاني من أزواج العصب الدماغي منشؤه خلف.
الشرح إن لهذا الزوج من العصب خواص ليست لغيره: إحداها: أنه ينبت من أو ل مقدم الدماغ، وإنما كان كذلك لأن الروح النافذ فيه يجب أن يكون شديد الرطوبة المائية حتى يكون من جنس جوهر البخار متوسطاً بين طبيعة الماء والهواء وإنما كان كذلك لأنه يحتاج أن تنطبع فيه أشباح المرئيات، وذلك لا يتأتى في مثل جوهر الماء لذلك لا ترى أشباح الأشياء في الهواء الصافي بل في الهواء الرمادي وهو الكثير المائية، ولذلك إنما ترى الهالة وقوس قزح ونحو ذلك في هواء هو بتلك الصفة ولذلك كثيراً ما يعرض لراكب السفينة أن يرى خياله في هواء البحر، وذلك لشدة مخالطته للأجزاء المائية التي تتصعد إليه بالتبخر وأيضاً يحتاج هذا الروح إلى سرعة شديدة في الحركة حتى يمكن أن يؤدي الشبح إلى أمام القوة الباصرة في زمان غير محسوس. وذلك مما لا يتأتى في مثل جوهر الماء، فلا بد وأن يكون هذا الروح كالمتوسط بين الماء والهواء وإنما يكون كذلك إذا كان تولده في أو ل مقدم الدماغ ونفوذه في عصب في غاية ما يمكن من الرطوبة الممكنة للعصب وإنما يكون العصب كذلك إذا كان منشؤه من أرطب جزء من جرم الدماغ، وهو ذلك الموضع.
الخاصية الثانية: أن هذا العصب ذو تجويف ظاهر، وإنما كان كذلك لأن إحساس القوة الباصرة إنما يتم بانطباع شبح المرئي في الروح النافذ في هذا العصب على ما نبينه في موضعه. وانطباع الشبح إنما يكون في سطح له مساحة ظاهرة وإنما يمكن ذلك إذا كان الروح المنطبع فيه الشبح في موضع متسع، وليس يكفي أن يكون ذلك الاتساع في موضع الانطباع فقط. بل لا بد وأن يكون في مسافة نفوذ الروح بالشبح إلى أمام القوة الباصرة ليمكن نفوذها والشبح فيها بحاله، ولا يكفي ذلك أيضاً بل ولا بد وأن يكون في مسافة نفوذ تلك الروح راجعة إلى الدماغ أيضاً ليمكن إيصالها الشبح إلى موضع القوة التي تسمى الخيال كما نبينه في موضعه.
فلذلك لا بد وأن يكون هذا العصب مجوفاً من أو له إلى آخره خصوصاً وهذا الروح ولا بد وأن يكون غليظ القوام ليكون كالمتوسط بين قوام الماء والهواء، ولا بد وأن يكون كبيراً لتكون منه أجزاء تقبل الأشباح الواردة وأجزاء تؤدي شبحاً بعد شبح ولا بد وأن يكون سريع الحركة جداً، ليمكن تأدية الشبح في زمان غير محسوس. وإنما يمكن ذلك إذا كان منفذه شديد الاتساع.
الخاصية الثالثة: أن هذا العصب مع كونه للحس فقط فإنه ينفذ في العضو الذي هو آلته على غير الاستقامة وإنما كان كذلك لأن الإنسان ونحوه ينبغي أن تكون له عينان حتى إذا عرضت لإحداهما آفة قامت الأخرى مقامها في الإبصار وينبغي أن يكون بين موضعهما بعد ما. إذ لو كانت في موضع واحد لكانت الآفة العارضة لإحداهما يلزمها في الأكثر آفة الأخرى فلم يبق للتكثير فائدة وإذا كان كذلك فلو ذهب هذا العصب على الاستقامة إلى العينين لكان خروجهما إما أن يكون من موضع واحد حتى يكون أخذهما إلى العينين مؤرباً وتكون القوة الباصرة موضوعة في الموضع المشترك بينهما، وهو عند منشئهما، أو لاً يكون كذلك بل يكونان خارجين من موضعين ذاهبين إلى العينين بغير تأريب. فإن كان الأول، لزم ذلك ضعف جرم الدماغ هناك، لأنه حينئذٍ يحتاج أن يكون في موضع واحد ثقب عظيم في جوهر الدماغ إلى بطونه بحيث يعم ذلك الثقب لثقبتي العصبتين، ولزم أيضاً أن يكون أيضاً موضع القوة الباصرة بعيداً عن موضع ابتداء تشبح الروح بالمرئي، ويكون الشبح الواقع في روح كل واحدة من العصبتين بمعرض الانمحاء والتغير قبل وصوله إلى موضع القوة ولا كذلك إذا كانا يلتقيان في وسط تلك المسافة. فإن انطباق أحدهما على الآخر موجب لقوة ثبات هيئته في الروح.
وإن كان الثاني، وهو أن تكون العصبتان آخذتين إلى العينين على الاستقامة وناشئتين من موضعين مختلفين فحينئذٍ إما أن يكون في كل واحدة من العصبتين قوة باصرة، فيلزم أن ترى الشيء اثنين أو لا يكون في كل واحد منهما قوة فلا يرى الشيء البتة أو يكون في إحداهما دون الأخرى قوة فيكون الإبصار بالعين الواحدة والأخرى معطلة. وذلك محال.
ولقائل أن يقول: يجوز أن تكون القوة الباصرة حينئذٍ في داخل الدماغ فلا يلزم أن ترى الشيء اثنين لأن ما يرد من الشبحين حينئذٍ ينطبق أحدهما على الآخر في داخل الدماغ فتدركه القوة واحداً كما يقولون حيث القوة في موضع اجتماع تجويفي العصبتين في وسط المسافة إلى العينين.
وجوابه: إن هذا غير ممكن لأن القوى التي تكون في داخل الدماغ إنما يمكن أن تكون مدركة لما أدركته الحواس الظاهرة فقط فما لا يدركه شيء من الحواس الظاهرة لا يمكن إدراكه بقوة في داخل الدماغ البتة.
فإذاً لا بد وأن يكون نفوذ هاتين العصبتين إلى العينين على غير الاستقامة بل أن تأخذ المسافة على تأريب ويلتقيان في وسطها، وتكون القوة الباصرة هناك.
الخاصية الرابعة: أن هذا العصب لا بد وأن يكون كل واحد من فرديه مثقوباً في سطحه الذي يواجه به الآخر ثقباً ينفذ إلى تجويفه، وإن يكون ذلك الثقب في موضع التقائهما حتى يتحد تجويفهما هناك وتكون القوة الباصرة موضوعة في الموضع المشترك بينهما لتكون رؤية الشبحين واحداً على وجه ولا يكون كل واحد من الشبحين بمعرض التغيير والبطلان.
الخاصية الخامسة: أن هذا العصب لا بد وأن يكون مع غلظه قصيراً لأنه لا يبعد العينين ومسافة ما بينهما، وبين مقدم الدماغ قصيرة جداً.
قوله: مبدؤه من غور البطنين المقدمين. يريد أن هذا الزوج مبدؤه من داخل الدماغ أعني المخ، وإنما كان كذلك ليكون التجويف الذي في كل واحد من فرديه نافذاً إلى بطون الدماغ ليكون نفوذ الروح إلى هناك متشبحة تشبح المرئي حتى ينحفظ ذلك الشبح بحاله بقوة الخيال. وفائدة خروجها من البطنين أن يكونا بحيث إذا عرضت آفة لأحد بطني الدماغ المقدم يوجب فساد الإبصار قام الآخر مقامه.
قوله: ثم يلتقيان على تقاطع صليبي. قد قيل: أن العصبتين متقاطعتان بحيث تنفذ اليمنى منهما إلى العين اليسرى واليسرى إلى العين اليمنى.
وجالينوس يعتقد خلاف ذلك، ويرى أن اليمنى تنفذ إلى العين اليمنى واليسرى إلى اليسرى وأن العصبتين لا تتقاطعان بلا تتلاقيان، وينثقب كل واحدة منهما عند موضع التلاقي حتى يكون هناك موضع مشترك لتجويفهما ثم يتفارقان فتذهب كل واحدة منهما إلى العين المحاذية لمبدئه وهذا هو الرأي المشهور به ويقول الشيخ أيضاً فقوله على تقاطع صليبي يريد أن يكون ذلك في الرؤية. وفي الحقيقة إنه ليس كذلك.
قوله: فلذلك تصير كل واحدة من الحدقتين أقوى إبصاراً إذا غمضت الأخرى إنما يكون كذلك إذا كان الضعف عارضاً بسبب قلة الروح، فإن الحاصل في كل واحدة من الحدقتين من الروح يكون حينئذٍ أقل مما ينبغي فإذا غمضت إحداهما أمكن للأخرى أن تأخذ من الروح قدر الحاجة لتعطله عند الحدقة الأخرى، ويلزم ذلك أ? تقوى الإبصار لتوفر الروح وأما إذا لم يكن الضعف كذلك لم يلزم أن يقوى الإبصار لأن كل واحدة من الحدقتين فإنها إما تأخذ من الروح قدر الحاجة في الإبصار فإذا لم يكن ما عندها قاصراً عن ذلك لم يحدث شيئاً آخر وإن تعطل عن الحدقة الأخرى.
وكذلك كان قوله: ولهذا ما يزيد الثقبة العنبية اتساعاً إذا غمضت الأخرى إنما يصح إذا كان ثقب تلك العنبية قد عرض له أن ضاق لأجل قلة الروح فإنه حينئذٍ إذا وجد روحاً أزيد مما عنده لأجل تعطله عن الحدقة الأخرى عاد إلى مقداره الطبيعي فاتسع عما كان قبل ذلك. وأما أن هذا الاتساع يكون أزيد من المقدار الطبيعي فغير صحيح فإن العين يستحيل أن تأخذ بالطبع من الروح مقداراً يمددها حتى يخرج ثقبها عن المقدار الطبيعي بل إنما تأخذ مقدار حاجتها، وإن وجدت روحاً كبيرة جداً.
قوله: أن يكون للعينين مؤدى واحد يريد موضعاً واحداً يتأدى إليه الشبحان قوله: فلذلك يعرض للحول أن يروا الشيء شيئين عندما تزول إحدى الحدقتين إلى فوق وإلى أسفل إذا ارتفع مثلاً إحدى الحدقتين إلى فوق أو إلى أسفل فتارة ترتفع معها العصبة التي تأتيها عند موضع التقائها بالعصبة الأخرى فتكون هناك إحدى العصبتين على حاله، ويكون الموضع من العصبة الآتية إلى الحدقة المرتفعة طرفها فقط أعني أن موضع الالتقاء يرتفع وهذا تلزمه أن تصير مسافة المرتفعة أطول لأنها تصير وتراً للزاوية القائمة التي تحيط بها بعد الارتفاع وبعد العصبة التي كان أو لاً ولا يلزم ذلك الأمر الأول إذ يجوز أن يكون طرف العصبة حينئذٍ مساوياً لارتفاعها عند التقاطع فلا يكون بعدها حينئذٍ بالقياس إلى ما كان أو لاً كبعدي ضلعين متقابلين من سطح متوازي الأضلاع فإن كان الأول، وهو أن يرتفع موضع الالتقاء لزم أن يكون شبح الحدقة المرتفعة أرفع من موضع شبح الأخرى ويلزم ذلك أن لا ينطبق كل واحد من أجزائه على نظيره من الشبح الآخر بل تنطبق أجزاؤه السافلة على أجزاء الآخر العالية إن كان الارتفاع قليلاً، وإن كان كبيراً لم ينطبق شيء من أجزائه على أجزاء الآخر بل يقع بجملته فوق الآخر، فإن لم ينطبق شيء من أجزائه على الآخر رأى الشيء شيئين تامين أحدهما على الآخر بقدر نسبة ارتفاع أحد الشبحين على الآخر، وإن انطبق بعض أجزاء الشبح العالي على بعض أجزاء السافل لم ير الشيء تامين بل حينئذٍ لا يخل وإما أن يكون ارتفاع العصبة عند موضع الالتقاء مساوياً لارتفاعها عند العين حتى تكون مسافتها كما كانت أو لاً أو لا يكون كذلك بل إما أزيد من ذلك أو أنقص.
فإن كان مساوياً كانت مسافة هذه العصبة كمسافة الأخرى لأنها تكون بقدر ما كانت أو لاً، ويلزم ذلك أن يكون وصول الشبحين معاً في وقت واحد. فتختلط الأجزاء السافلة من الشبح العالي بالأجزاء العالية من الشبح الآخر من أو ل حصولهما هناك فتكون لما رأى أعلاه وأسفله مرتين على التمام رؤية صحيحة ولكن بينهما بعد ترى فيه الأجزاء السافلة مختلطتين وتكون هذه الأجزاء المختلطة بقدر المنطبق من كل واحد من الشبحين على الآخر، وإن كان مختلفاً أعني إن كان ارتفاع العصبة عند موضع الالتقاء مخالفاً لارتفاعها عند العين لزم ذلك أن تكون مسافتها أطول مما كانت أو لاً، ويلزم ذلك أن يكون وصول شبح العين السليمة قبل وصول شبح الأخرى فيرى الشبح الشيء أو لاً رؤية صحيحة ثم يرى على ما قلناه حيث الارتفاعان متساويان ويكون زمان ما بين الرؤيتين قصيراً جداً، ويختلف باختلاف تفاوت الارتفاعين فيطول حيث يكون التفاوت كبيراً، ويقصر حيث يكون أقل. هذا وأما الأمر الثاني وهو أن تكون العصبة الآتية إلى العين مرتفعة لم ترتفع عند الالتقاء بالأخرى وهذا يلزمه أن تكون مسافتها أطول مما قلناه ويلزم ذلك أن يكون ورود الشبح من العين السليمة قبل ورود شبح الأخرى وهذا لا يلزمه خلل في البصر، إذ يرى الشبح أو لاً شبحاً واحداً ثم يرى شبحين المنطبقين أحدهما على الآخر لكن لو اتفق أن عرض لشبح العين السليمة اختلال رئي الشيء أو لاً مختلاً بذلك النوع من الاختلال ثم يرى صحيحاً وبينهما زمان لا يكاد يحس وكذلك لو مالت إحدى الحدقتين إلى جانب طالت مسافة وصول شبحها إلى موضع الالتقاء لا محالة ثم هذا إما أن يلزمه مع ذلك تمدد عصبتها عند موضع الالتقاء أو لا يلزمه ذلك.
فإن كان الأول فإما أن يكون ذلك التمدد كبيراً حتى لا ينطبق شيء من شبحها على شبح الأخرى، فيرى الشيء شيئين: أحدهما عن جانب الآخر. أو يكون التمدد دون ذلك بحيث تنطبق بعض أجزاء شبح هذه الحدقة على بعض شبح الأخرى فيرى الشيء كما قلناه حيث ينطبق بعض أجزاء أحد الشبحين على بعض أجزاء الآخر إذا كانت إحدى الحدقتين مرتفعة. ولكن يختلف ها هنا بأن الأجزاء التي تكون رؤيتها صحيحة تكون من الجانبين لا إلى فوق ولا أسفل كما كانت هناك.
وكذلك الأجزاء التي ترى ها هنا مختلطة هي الأجزاء التي بين الجانبين كما كانت هناك بين الفوق والسفل.
وأما الثاني: وهو أن يكون ميل إحدى الحدقتين ليس يلزمه تمدد عصبتها عند موضع الالتقاء. فهذا لا يلزمه خلل البصر بل يكون الحال كما قلنا حيث ارتفاع إحدى الحدقتين لا يلزمه ارتفاع عصبتها عند موضع التقاطع.
هذا هو التحقيق.
وأما قول الشيخ: إن ارتفاع إحدى الحدقتين يبطل معه استقامة نفوذ المجرى إلى التقاطع ويعرض قبل الحد المشترك حد لانكسار العصبة فغير مسلم. وذلك لأن هذا الانكسار إنما يلزم لو كان بعض أجزاء تلك العصبة التي بين العين وموضع الالتقاء لازماً لو ضعه دائماً يكون كذلك لو كان مربوطاً بالأعضاء المجاورة فليس الأمر كذلك. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني تشريح الزوج الثاني قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والزوج الثاني من أزواج العصب الدماغي... إلى قوله: وأما الزوج الثالث فمنشؤه.
الشرح قد علمت أن الزوج الذي في عيني الإنسان ونحوه يجب أن يكون شديد الرطوبة المائية وإنما يمكن ذلك بأن يكون محلها رطباً ليبقى ما فيها من الرطوبة محفوظاً، فلذلك يجب أن يكون مزاج العينين وما يتصل بها رطباً فلذلك يجب أن تكون العضلات المحركة للعينين متكونة من عصب رطب لين فلذلك يجب أن يكون منشؤه بالقرب من منشأ الزوج الأول. وذلك هو هذا الزوج خصوصاً وهو لا يصلح لتحريك غير العينين من الأعضاء لأجل إفراط لينه.
ويجب أن يكون منشؤه وراء منشأ الأول لأن الأول يحتاج أن يكون أكثر رطوبة منه، لأنه للحس، وهو للحركة ويجب أن يكون هذا المنشأ في طرفي الدماغ من الجانبين أكثر من الأول، لأن الوسط ما بين جانبي الدماغ أكثر رطوبة فلذلك ما بين فردي هذا الزوج أو سع كثيراً مما بين فردي الزوج الأول، ومخرج هذا الزوج من ثقبين في نقرتي العين بالقرب من مخرج الأول يفصل بينهما عظم رقيق، وإنما ينصبان عن خروجهما من الجمجمة إلا عند أو ل منشئهما كما في الزوج الأول، وذلك لأن الزوج الأول يحتاج أن يلتقي فراده قبل الوصول إلى الجمجمة فيحتاج أن يتقارب أحدهما إلى الآخر من أو ل منشئهما،، ولا كذلك الزوج، وإنما أخرج هذا من نقرة العين لأمرين: أحدهما: أنه يحتاج إلى أن يتفرق في جميع الجوانب التي تقرب من العين لتكون منه العضلات المحركة لها إلى جميع تلك الجوانب، وإذا كان كذلك وجب أن يكون خروجه من الوسط ليكون تقسيمه إلى جميع الجوانب على العدل.
وثانيهما: أن العضلة التي خلف العينين تحتاج أن تكون قريبة الشبه من مزاجها وإنما يمكن ذلك إذا كان عصبها شديد الرطوبة وإنما يمكن ذلك إذا كان مخرجه من هناك إذ لو خرج من موضع آخر لكان يتصلب في مسافة نفوذ هذا الموضع. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث تشريح الزوج الثالث قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما الزوج الثالث فمنشؤه الحد... إلى قوله: وأما الزوج الرابع فمنشؤه خلف الثالث وأميل.
الشرح إن هذا الزوج أيضاً يحتاج أن يكون شديد اللين لأن أكثره لأجل الحس، ومنه ما هو لحس الذوق وهو إنما يكون بعصب ظاهر اللين لأن إدراك التفاوت بين الطعوم إنما يتم إذا كان المنفعل شديد القبول جداً ولكن لا يجب أن يكون لينه كلين الزوج الأول بل دونه في ذلك فلذلك شعب هذا الزوج الثالث التي في داخل الدماغ متوسطة اللين بين لين الزوج الأول والزوج الثاني. وأما بعد خروجه، فالظاهر أنه يكون أقل ليناً من الزوج الثاني لبعد مسافة ما بين منشئه ومخارجه ولذلك فيما أظن خلق منشؤه خلف منشأ الثاني.
قال جالينوس: وقد ظن المشرحون في هذا العصب أنه عصبة واحدة، وكذلك يعتقد فيه من لم يستقص النظر، وإذا تأمل الاستقصاء ظهر له شعب كثيرة في داخل القحف كالشعر موضوع بعضها على بعض من غير تلبد. وهو أو لاً يخالط الزوج الرابع ويخرج معه من الأم الغليظة ثم بعد ذلك يتشعب إلى الشعب المذكورة في الكتاب وهذه العدة من الشعب ليست مجموع شعب هذا الزوج بل لأحد فرديه، وللفرد الآخر شعب نظيرة لها من الجانب الآخر.
قوله: فمنشؤه الحد المشترك بين مقدم الدماغ، ومؤخر الدماغ مقسوم في طوله وعرضه. وذلك أنه ينقسم إلى قسمين يميناً وشمالاً لك أن تسميهما جزأين ولك أن تسميهما بطنين. وقد جعل بينهما حاجز، وهو الحجاب القاسم للدماغ، وتنقسم أيضاً ما بين أو له وآخره إلى أجزاء وإلى بطون. أما الأجزاء فجزآن أحدهما من قدام والآخر من خلف والظاهر أنهما كالمتساويين في المساحة لست أعني مساحة الطول بل مساحة جميع الجرم بحيث يكون المقدم بجملته مساوياً للمؤخر بجملته إذ لا موجب لزيادة أحدهما على الآخر. ولما كن المؤخر أدق كثيراً من المقدم وجب أن يكون الجزء المؤخر أطول كثيراً من المقدم حتى يكون طوله كالضعف من طول المقدم. ولما كانت الأعصاب السبعة آخذة في طول الدماغ. وينبغي أن تكون الأبعاد التي بينها في طول الدماغ متساوية إذ لا موجب للتفاوت فيجب أن تكون حصة الجزء المقدم من الدماغ أقل وكالنصف من حصة المؤخر فلذلك صار في الجزء المقدم زوجان وفي المؤخر أربعة. والزوج الثالث في الحد المشترك بينهما وانفصال الجزء المقدم عن المؤخر هو باندراج الحجاب بينهما فقط، وأما انقسامه بالبطون فإن الدماغ ينقسم إلى بطون ثلاثة وهي التجاويف التي يكون فيها الروح وفيها يتعدل. وهذه البطون مختلفة في المقدار وذلك لأن البطن المقدم منها لأجل الحس المشترك، والخيال، وإنما يدرك المحسوس ويحفظ بأن يتشنج مثاله في الزوج، وذلك إنما يكون فيما له مقدار ومساحة فلذلك يجب أن يكون هذا البطن عظيماً جداً ليتسع لمقادير أشباح المحسوسات وأما البطن المؤخر فلأجل حفظ المعاني وهي مما لا مقدار له حتى يحوج أن يكون مثالها في مقدار ومساحة فلذلك خلق هذا البطن صغيراً جداً، وأصغر من نصف المقدم. وكذلك البطن الوسط فإنه لإدراك المعاني بالوهم فلذلك خلق أيضاً صغيراً، فلذلك تكون الأعصاب التي في البطن المقدم كبيرة جداً بالنسبة إلى التي في البطنين الآخرين، فلذلك لا منافاة بين كلام الشيخ ها هنا وبين كلامه في الكتاب الثالث من كتب القانون إذ قال هناك: وإنما لين مقدم الدماغ لأن أكثر عصب الحس وخصوصاً الذي للبصر والسمع ينبث منه، فإنه يريد هناك بالمقدم البطن المقدم، لا الجزء المقدم. وإن كان كلامه هناك إنما كان أو لاً في الأجزاء.
قوله: ثم تفارقه وتتشعب أربع شعب يريد أن كل فرد من هذا الزوج يتشعب هذه الشعب وينبغي أن يكون مخرج كل شعبة من الموضع الأقرب إلى مواضع تفرقها وانبثاثها.
قوله: وشعبه تطلع في الثقب الذي يخرج منه الزوج الثاني. سبب ذلك: أن هذه الشعبة لو أخرجت من غير هذا الموضع فإما من ثقب مستقل فتكثر ثقوب القحف ويزداد ضعفاً أو من ثقب مشترك بينها وبين غيرها فيتعين لها هذه الثقبة لأن ما سواها مما هو خارج عن نقرة العين بعيد عن مواضع انبثاث هذه الشعبة والتي مع هذه فقرة العين وهي مخرج الزوج الأول لا يمكن أن يخرج فيها مع ذلك الزوج غيره لئلا يضعفه فيفسد تجويفه ويلزم ذلك فقدان الإبصار. إن هذا الزوج شديد الاستعداد للانضغاط لزيادة تجويفه ولفرط لينه.
قوله: والجزء الذي يأتي اللسان أدق من عصب العين لأن صلابة هذا ولين ذاك يعادل غلظ ذلك ودقة هذا.
قد قلناه: إن سبب غلظ عصب العين ليس لإفراط لينه بل ليمكن أن يكون تجويفه كبيراً ظاهراً، ولما لم يحتج إلى ذلك ها هنا لا جرم كان هذا العصب دقيقاً. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع تشريح الزوج الرابع قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الزوج الرابع فمنشؤه... إلى آخر الفصل.
الشرح عبارة الكتاب في هذا ظاهرة . والله ولي التوفيق.
البحث الخامس تشريح الزوج الخامس قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الزوج الخامس فكل فرد ينشق بنصفين... إلى آخر الفصل.
الشرح قوله: كل فرد منه ينشق بنصفين. قد قال جالينوس: أن العصبتين لا تخرجان من مخرج واحد لكن لكل واحدة منهما مخرج إلى جانب الأخرى وكل واحدة منهما تنشأ من أصل غير الأصل الذي تنشأ منه الأخرى وإذا كان كذلك لم يكن كل فرد منه واحداً ثم ينشق.
قوله: والقسم الأول من كل زوج منه يعتمد إلى الغشاء المستبطن للصماخ يريد القسم الأول من كل فرد من فردي الزوج الخامس، وإنما قال من كل زوج لأن كل فرد من هذين زوج كما قلناه أو لاً ويريد بالقسم الأول لا ما هو أولى في الخروج أو الظهور ونحو ذلك بل ما هو أولى في الكلام فيه، ويريد بكونه يعمد إلى الغشاء أنه يذهب إلى هناك ليكون ذلك الغشاء منه ومن الجزء من الأم الغليظة الذي يصحبه، وذلك لأن هذا الجزء من العصب وهو الذي يسمى عصب السمع، يدخل إلى ثقب السمع من قدام ومعه جزء من الأم الغليظة، فيعرضان معاً ويغشيان الصماخ.
قوله: وهذا القسم منبته بالحقيقة من الجزء المؤخر من الدماغ يريد الجزء المؤخر لا البطن المؤخر بل القسم الذي ينفصل عن المقدم باندراج الحجاب بينهما، وهذا الجزء يقع في بعضه مؤخر البطن المقدم، ومنه ينبت هذا الزوج فلذلك لا منافاة كما قلنا أو لاً بين قوله ها هنا، وقوله في الكتاب الثالث: إن عصبة السمع تنبت من مقدم الدماغ، إذ يريد هناك بالمقدم البطن المقدم وذلك البطن يقع آخره في الجزء المؤخر.
قوله: وهو الثقب الذي يسمى الأعور والأعمى لشدة التوائه وتعريج مسلكه. هذه التسمية على سبيل المشابهة وذلك لأن هذا الثقب يشبه الأعمى من جهة أنه لا يسلك طريقه على الاستقامة بل يميل يميناً وشمالاً وغير ذلك.
وقد ذكر الشيخ ها هنا مسألتين: إحداهما: ما السبب في خلقة الذوق أي حس الذوق في العصبة أي الشعبة الرابعة من الزوج الثالث، وخلق حس السمع في الزوج الخامس? وأجاب: بأن آلة السمع تحتاج أن تكون مكشوفة، وآلة الذوق مخبأة وبيان هذا أن السمع إنما يتم بأن يصل إلى الصماخ بتموج الهواء الحامل للصوت، وإنما يكون ذلك بأن يكون للهواء مدخل إلى هناك، فلا بد وأن يكون هذا المدخل مفتوحاً دائماً ليكون للإنسان إدراك الأصوات في أي وقت حدثت.
وأما الذوق فإنه إنما يدرك بأن ينحل من الجسم الحامل للطعم أجزاء تخالط الرطوبة العذبة التي في الفم وينفذ معها إلى العصب الذي فيه فتدرك كيفية تلك الأجزاء. وإنما يكون ذلك إذا كان وضع اللسان في الفم ومن لا يحتاج أن يكون دائماً بل إنما تحتاج إلى فتحة لإدراك الطعم إذا أريد إدخال المطعوم في الفم، فلذلك كانت هذه الآلة محرزة موقاة بالفم، وآلة السمع ليست كذلك وذلك موجب أن تكون آلة السمع أصلب لتكون عن قبول الآفات أبعد.
أقول: وها هنا أيضاً سبب آخر وهو أن إدراك الصوت إنما يتم بانفعال العصب عن تموج الهواء الراكد في الأذن تبعاً لتموج الهواء الحامل للصوت، وهذا التموج لا يخلو من قرع فلو كان عصبه ليناً جداً لتضرر بذلك وبكيفية ذلك الهواء في حره وبرده ولا كذلك إدراك لطعم.
وثانيتهما: ما السبب في الاكتفاء في عضلات العين بعضلة واحدة ولم يفعل ذلك في عضل الصدغين بل جعل من الزوج الثالث والخامس من الجزء الثاني من كل واحد منهما? وأجاب: بأن عصب عضلات العين يحتاج أن يكون مخرجه من نقرة العين وهذه النقرة فيها ثقب واسع لأجل الزوج الأول. فلو جعل فيها ثقوب كثيرة لاشتد ضعفها ولا كذلك عضل الصدغين فإن مخرج عصبها من العظم الحجري وهو مما يحتمل ثقوباً كثيرة لصلابته.
ولقائل أن يقول: إن عصب عضلات العين إنما احتيج إلى خروجه من النقرة لأنه عصب واحد يحتاج أن يكون بعد خروجه إلى جميع تلك العضلات متقارباً وإنما يكون كذلك إذا كان من النقرة. أما لو كان أعصاباً كثيرة لكان مخرج كل واحد منها يجب أن يكون من جهة العضلة التي يأتي إليها فلا يكون في النقرة ثقوب كثيرة وأيضاً فإن العظم الحجري كما احتمل أن يكون فيه ثقوب كثيرة كذلك هو أيضاً محتمل لان يكون فيه ثقب واسع فيه يخرج منه عصب واحد يكفي عضلات الصدغ. والله ولي التوفيق.
البحث السادس تشريح الزوج السادس قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الزوج السادس فإنه ينبت... إلى قوله: وأما الزوج السابع فمنشؤه من.
الشرح
قد اتفق إن كانت الأزواج التي من الجزء المؤخر من الدماغ على النسبة التي من الجزء المقدم منه، فكما أن تلك الأجزاء الثلاثة الأولى منها قصيرة جداً، والثالث طويل جداً والثاني كالمتوسط بينهما في الطول كذلك هذه الثلاثة الأول منها، وهو رابع الأزواج الدماغية قصير جداً بالنسبة إلى الآخرين والثالث طويل جداً، والثاني كالمتوسط بينهما وذلك لتكون قسمة العصب على الوجه العدل، وكانت الثلاثة التي في الجزء الأول يجب فيها أن تكون في الطول على ما قلناه. لأن الأول منها إنما يأتي العينين فلا يجوز أن يكون أكثر طولاً مما عليه. والثالث: يأتي الأحشاء الباطنة فيجب أن يكون طوله كبيراً جداً. والثاني يأتي عضلات العينين ولا يصلح لغيرها. وتلك العضلات أبعد مكاناً من العينين فيجب أن يكون أطول من الأول، وأقصر من الثالث، وإذا كان كذلك وجب أن تكون أزواج الجزء الثاني كذلك إذ لا سبب يوجب اختلاف حال الجزأين لكونهما يختلفان في شيء وذلك لأن أزواج الجزء المؤخر أطول وتدارك ذلك أن جعلت أدق من أزواج الجزء المقدم فتكون أزواج الجزأين كالمتكافئة.
قوله: متصلاً بالخامس مشدوداً معه بأغشية وأربطة، إني إلى الآن لا أعرف لهذا الاتصال والارتباط حكمة، بل ولا أتحقق صحته فإن منشأ هذا الزوج خلف منشأ الخامس ومخرجه خلف مخارجه فلم يتقدم حتى يرتبط بالخامس ثم يتأخر ليخرج? وليس لقائل أن يقول: إن فائدة ذلك أن يعتضد كل واحد من الزوجين بالآخر ويقوى به، لأنا نقول: لو احتيج في هذين الزوجين إلى ذلك لكانت الحاجة إليه في الأزواج الأولى أولى لأنها أضعف لأجل لينها، ويخرج من الثقب الذي في منتهى الدرز اللامي كل واحد من فردي هذا الزوج ينقسم في داخل القحف إلى ثلاثة أقسام ويخرج الثلاثة جملة من ثقب في طرف الضلع اللامي من أسفل وذلك لان ثقب الجانب الأيمن منه الفرد الأيمن وثقب الجانب الأيسر يخرج منه الفرد الأيسر.
قوله: ليعاضد الزوج السابع على تحريكها. إن العمدة في تحريك عضل الحلق واللسان على الزوج السابع إذ الآتي إليه ذلك عصب عظيم والآتي إليه من هذا الزوج دقيق جداً، فلذلك جعله معاضداً للزوج السابع في التحريك لا أصلاً فيه.
قوله: وأتت العضل العريضة الحنجرية التي رؤوسها إلى فوق يريد بهذه الرؤوس مبادئ العضل وهي التي تنشأ منها، وللحنجرة قريب من عشرين عضلة منها ما هو موضوع عرضاً ومنها ما هو موضوع وراباً ومنها ما هو موضوع طولاً. وهذا الطول مستوياً منه ما يبتدئ من فوق ويحرك الحنجرة بطرفه الأسفل، وهو العضلات الآتية من العظم اللامي إلى الغضروف الدرقي، وكذلك المنحدرة من ذلك العظم، ومن الغضروف الدرقي، وفعلها رفع الحنجرة وغضاريفها.
وهذه تحتاج أن يأتيها العصب من فوق فلذلك ظاهر من أمرها أن عصبها يحتاج أن يكون من الدماغ. وينبغي أن يكون من هذا الزوج لأن ما قبله فمخارجه من قدام هذه العضلات وما بعده فمخرجها من خلفها وإذا كان كذلك فلو جعلت هذه العضلات من أحدها لكان إنما يأتيها مؤرباً فكان تحريك هذا العضل يكون كذلك.
قوله: فإذا جاوزت الحنجرة صعد منها شعب تأتي العضل المنكسة للحنجرة التي رؤوسها إلى أسفل وهي التي لا بد منها في إطباق الطرجهالي وفتحه إذ لا بد من جذب إلى أسفل، ومن العضل الموضوع طولا ما يبتدئ من أسفل، ويحرك بطرفه العالي.
وقد قال جالينوس في أو اخر كتابه في منافع الأعضاء إن هذا العضل هوا لذي يربط أطراف الغضروف الدرقي السفلية بالذي لا اسم له، وهو مشكل فإن ذلك العضل يتحرك مؤرباً وهذا العضل الذي ينفذ من أسفل ويتحرك بطرفه العالي قد كان يمكن أن يأتيه العصب من نخاع العتق، ومن نخاع الصدر، ولكن العصب من هناك إنما يخرج من جانبي الفقار كما بيناه فيحتاج في مجيئه إلى هذا العضل إلى أن يمر أو لاً إلى قدام، وإلى وسط ما بين اليمنى واليسرى حتى يحاذي مبادئ هذه العضلات ثم يصعد إليها مستقيماً، وذلك ليمكن أن يكون تحريكه على الاستقامة فلذلك جعل من هذا الزوج لأن مرور هذا الجزء منه في قرب ذلك العضل فلا يحتاج في صعود ما يتشعب من شعبه إلى مبادئ تلك العضلات إلى مرور إلى جهة أخرى فكان يكون هذه العضلات من هذا العصب أولى.
قوله: وإنما أنزل هذا من الدماغ. الأجود أنه كان يقول: وإنما خلقت هذه العضلات من العصب النازل من الدماغ وذلك لأن نزول هذا من الدماغ ليس ليكون منه هذه العضلات وأغشية الأحشاء التي نذكرها بعد لأن الأعصاب النخاعية لا يمكن أن تأتى هذه العضلات.
قوله: لأن النخاعية لو صعدت لصعدت مؤربة.
لقائل أن يقول: إن هذا غير لازم إذ يجوز أن يكون صعودها بأن يأتي أو لاً إلى محاذاة مبادئ هذه العضلات ثم يصعد على الاستقامة معتمدة على عضو هناك كما في هذا العصب الراجع. والله ولي التوفيق.
البحث السابع تشريح الزوج السابع قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الزوج السابع فمنشؤه الحد... إلى آخر الفصل.
الشرح إن عبارة الكتاب ها هنا ظاهرة بينة غنية عن الشرح. والله ولي التوفيق. =============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الثالث 
 
 
/////////////////////////////////
الفصل الثالث
تشريح العصب النابت من نخاع العنق ومسالكه
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العصب النابت من النخاع... إلى آخر الفصل.
الشرح قد جعل الأزواج النابتة من نخاع العنق ثمانية وذلك لأنه عد الزوج الخارج مما بين الفقرة الأخيرة من فقار العنق والفقرة الأولى من فقار الصدر من جملة أزواج هذه الأزواج والفقرة الأولى من فقار العنق يخرج منها زوج من ثقب فيها، وزوج مما بينها وبين الثانية. ويلزم ذلك أن تكون هذه الأزواج ثمانية.
قوله: وهو صغير دقيق، إذ كان الأحوط في مخرجه أن يكون ضيقاً. هذا يختلف بحسب اختلاف حال الحيوانات. فما كان من الحيوان سلاحه في رأسه إما في نفس رأسه كما في ذوات القرون أو في فكه كما في ذوات الأنياب الحادة كالسباع، وهذا يحتاج أن تكون الفقرة الأولى من فقار العنق قوية جداً ليكون متمكناً من استعمال سلاحه بقوة، وإنما تكون هذه الفقرة كذلك إذا كانت مع صلابتها عظيمة وحينئذٍ يمكن أن يكون ما فيها من الثقوب متسعاً، فلذلك كان هذا الزوج أعني الأول يكون في هذا الحيوان كبيراً عظيماً وخاصة وحاجة مثل هذا الحيوان إلى قوة العضل التي هناك شديدة، تكون تلك العضلات فيه عظيمة أيضاً، وذلك محوج إلى كثرة الأعصاب التي تكون فيها، وذلك محوج إلى زيادة عظم هذا الزوج وما لم يكن من الحيوان كذلك كالإنسان والقرد ونحوهما. فإن هذه الفقرة تكون فيه ضعيفة لأنها تكون فيه أصغر من بقية فقار العنق لأن الحامل ينبغي أن يكون أعظم من المحمول إذا لم يكن سبب آخر يقتضي زيادة عظم المحمول وثقبها الذي ينفذ فيه النخاع يجب أن يكون اكثر سعة مما لغيرها لأن أو ل النخاع أغلظ، ويلزم ذلك أن يكون جرمها رقيقاً جداً وذلك موجب لزيادة ضعفها فلا بد وأن يكون ما فيها من الثقوب ضيقة جداً لئلا يفرط بها الضعف، ويلزم ذلك أن يكون العصب الخارج منه دقيقاً جداً، وخصوصاً ومثل هذا الحيوان غير شديد الحاجة إلى زيادة عظم العضلات التي يكون فيه هناك فلذلك يكون هذا الزوج دقيقاً قصيراً.
قوله: والزوج الثاني مخرجه مما بين الفقرة الأولى والثانية أعني الثقبة المذكورة في باب العظام.
قال جالينوس: إن هذا الزوج ليس يخرج من ثقب بل في كل ثقب واحدة من ناحيتي الزائدة المشبهة بالشوكة موضع معرى من عظام النقرة فيما بين الفقرة الأولى والثانية منه تخرج أعصابه. والحق كما قاله جالينوس.
قوله: ويوصل أكثره إلى الرأس حس اللمس بأن يصعد مؤرباً إلى أعلى الفقار، وينعطف إلى قدام.
الذي قاله جالينوس: إن أعظم جزء من هذا الزوج ينقسم في عضل خلف الرقبة، ويصير من جزء إلى العضلات العراض المحركة للخدين والجزء الباقي من هذا العصب بعضه يرتقي إلى الرأس، وينبث في مؤخره. وكذلك الجزء الذي يرتقي من قدام ينبث في مقدم الرأس.
قوله: وفي غير الإنسان ينتهي إلى الأذنين فيحرك عضل الأذنين، يريد بذلك غير الإنسان مما له أذن بارزة. وإنما اختص غير الإنسان مما له أذن يحركها دون أكثر الناس، لأن الإنسان لا كلفة عليه في تحريك رأسه بحيث يحاذي كل جهة يريد بأذنه فيتمكن بذلك من سماع الصوت من أي جهة كانت ولو كذلك باقي ما له أذن فإن الفرس مثلاً ليس يتمكن من تحريك رأسه بانفراده إلى حيث يصير أحد أذنيه إلى خلف والأخرى إلى قدام وإذا كان كذلك فلو لم يمكن هذا الحيوان أن يحرك أذنيه إلى الجهات تعذر عليه سماع كثير من الأصوات ولذلك خلقت أذن أكثر هذا النوع من الحيوان طويلة لتكون عند التحريك إلى جهة ما كالباذهنج يحصر الهواء الوارد بالصوت ويعم هذا والأزواج الأخر التي بعده، أن كل واحد منها ينقسم عند خروجه كل فرد منه إلى قسمين أصغرهما يتفرق في النواحي إلى قدام.
قوله: لكن الصائر من السادس إلى ناحية اليد لا يجاوز الكتف ومن السابع لا يجاوز العضة وأما الذي يجيء الساعد من الكتف فهو من الثامن.
وقد قال في التعليم الثالث من الكتاب الأول: كما يستدل على ألم في الأصبع من سبب سابق أنه لآفة عارضة في الزوج السادس من أزواج عصب العنق وبين الكلامين تباين.
والأول هو الحق. فإن الأصابع لا يأتيها من الزوج السادس شيء وبذلك قال جالينوس.
قوله: وإنما قسم الحجاب من هذه الأعصاب دون أعصاب النخاع الذي تحت هذه ليكون الوارد عليها منحدراً من مشرف فيحسن انقسامه فيها. سبب هذا هو أن العضلات المحركة للحجاب تحتاج أن تكون العصب آتياً إليها من وسط الحجاب. وإنما يمكن ذلك أن تكون نازلة من هذه الأزواج إذ ما هو أسفل منها إنما يأتي إلى هناك بتأريب فلا يكون تحريكها كما هو الواجب في الحجاب والله ولي التوفيق. ============
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الرابع

< شرح تشريح القانون لابن سينا‏ | القسم الأول‏ | الجملة الثالثةاذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث
الفصل الثالث شرح تشريح القانون لابن سينا
القسم الأول
الجملة الثالثة - الفصل الرابع
المؤلف: ابن النفيسالفصل الخامس
الفصل الرابع
تشريح فقار الصدر
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الأول من أزواجه مخرجه... إلى آخر الفصل.
الشرح قال جالينوس: إن تقسيم هذه الأعصاب تقسيماً متشابهاً وذلك لأن كل زوج منه فإن جزءاً منه يصير إلى عضل الصلب وجزءاً يصير إلى العضل الموضوع هناك المحرك للكتف والعضل الذي يرتقي إلى الكتف والثالث من أجزائه وهو الأعظم يتفرق في العضل الذي بين الأضلاع والعضل الموضوع عليها إما الذي بين الأضلاع التامة وعليها فينتهي إلى القص وإما على أضلاع الخلف وبينها فأكثره يتفرق في العضل الموضوع على الشراسيف والعضل المنحدر إلى الصدر والمتدلي الذي من جنس اللحم. اللهم إلا ما ينقسم في ما بين الضلع الثاني والثالث من الأضلاع الأولى فإن جزءاً منه يرتقي إلى جلدة العضد. والله ولي التوفيق. ===========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الخامس

< شرح تشريح القانون لابن سينا‏ | القسم الأول‏ | الجملة الثالثةاذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث
الفصل الرابع شرح تشريح القانون لابن سينا
القسم الأول
الجملة الثالثة - الفصل الخامس
المؤلف: ابن النفيسالفصل السادس
الفصل الخامس
تشريح عصب القطن
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه عصب القطن... إلى آخر الفصل.
الشرح إن عبارة الكتاب في هذا ظاهرة بينة غنية عن الشرح. والله ولي التوفيق
.====
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل السادس

< شرح تشريح القانون لابن سينا‏ | القسم الأول‏ | الجملة الثالثةاذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث
الفصل الخامس شرح تشريح القانون لابن سينا
القسم الأول
الجملة الثالثة - الفصل السادس
المؤلف: ابن النفيسالجملة الرابعة
الفصل السادس
تشريح عصب العجز والعصعص
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الزوج الأول... إلى آخر الفصل.
الشرح إن عبارة الكتاب في هذا أيضاً ظاهرة بينة صريحة غنية عن الشرح. والله ولي التوفيق.
===========
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة

< شرح تشريح القانون لابن سينا‏ | القسم الأولاذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث
الجملة الثالثة - الفصل السادس شرح تشريح القانون لابن سينا
القسم الأول
الجملة الرابعة - الفصل ال
المؤلف: ابن النفيسالجملة الرابعة - الفصل الأول
الجملة الرابعة
الشرايين
وهي خمسة فصول.
======
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة

< شرح تشريح القانون لابن سينا‏ | القسم الأولاذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث
الجملة الثالثة - الفصل السادس شرح تشريح القانون لابن سينا
القسم الأول
الجملة الرابعة - الفصل ال
المؤلف: ابن النفيس الجملة الرابعة - الفصل الأول

الجملة الرابعة
الشرايين
وهي خمسة فصول.
=======
========
=========
====33333333333333333333===
تصنيف:شرح تشريح القانون لابن سينا
صفحات تصنيف «شرح تشريح القانون لابن سينا»
الصفحات 138 التالية مصنّفة بهذا التصنيف، من إجمالي 138.
ش
شرح تشريح القانون لابن سينا
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل التاسع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل التاسع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل التاسع والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثالث عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثالث والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثامن
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثامن عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثامن والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثاني عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثاني والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الثلاثون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الحادي عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الحادي والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الخامس عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الخامس والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الرابع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل الرابع والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل السابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل السابع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل السابع والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل السادس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل السادس عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل السادس والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل العاشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الأولى/الفصل العشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثالثة/الفصل السادس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل التاسع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل التاسع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل التاسع والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثالث عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثالث والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثامن
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثامن عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثامن والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثاني عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الثاني والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الحادي عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الحادي والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الخامس عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الخامس والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الرابع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل الرابع والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السابع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السابع والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السادس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السادس عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل السادس والعشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل العاشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الثانية/الفصل العشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الخامسة
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الخامسة/الفصل الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الخامسة/الفصل الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الخامسة/الفصل الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الخامسة/الفصل الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الخامسة/الفصل الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة/الفصل الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة/الفصل الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة/الفصل الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة/الفصل الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الأول/الجملة الرابعة/الفصل الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث التاسع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث الثامن
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث السابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الأول/البحث السادس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل التاسع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل التاسع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثالث عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثامن
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثامن عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثاني عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثاني/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثاني/البحث الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثاني/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثاني/البحث الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الحادي عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الحادي عشر/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الحادي عشر/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الخامس عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر/البحث الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر/البحث الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر/البحث الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السابع عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السابع/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السابع/البحث الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السابع/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السادس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل السادس عشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر/البحث الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر/البحث الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر/البحث الرابع
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العاشر/البحث السادس
شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل العشرون
شرح تشريح القانون لابن سينا/المقدمة
شرح تشريح القانون لابن سينا/المقدمة/البحث الأول
شرح تشريح القانون لابن سينا/المقدمة/البحث الثالث
شرح تشريح القانون لابن سينا/المقدمة/البحث الثاني
شرح تشريح القانون لابن سينا/المقدمة/البحث الخامس
شرح تشريح القانون لابن سينا/المقدمة/البحث الرابع
==============================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حمل تحفة الاشراف للحافظ المزي

 من مشكاة حمل   تهذيب الكمال في أسماء الرجال - ت بشار عواد معروف - دار الرسالة المؤلف الحافظ المزي وصف الكتاب تهذيب الكمال في أس...